إقامته عند المراقد المقدّسة
ثمّ انتقل منها إلى مدينة النجف الأشرف ، فبقي فيها ثلاث سنين ، وولد له فيها ولده عليّ سنة ٦٤٧ ه.
وكان قد استقر رأي ابن طاوس أن يمكث في العتبات المشرّفة ، النجف الأشرف وكربلاء والكاظمين وسامرّاء ، في كلّ واحدة ثلاث سنين ، فلمّا تمّت السنين الثلاث في النجف الأشرف انتقل إلى كربلاء ، وكان عازما على الإقامة فيها ثلاث سنين ، ويبدو أنّه بقي بها ثلاث سنين ؛ إذ صرّح في آخر كتابه « فرج المهموم » أنّه فرغ منه في كربلاء المقدّسة في مشهد الإمام الحسين عليهالسلام سنة ٦٥٠ ه ، كما كان عازما على مجاورة الإمامين العسكريّين عليهماالسلام في سامراء ، وقد كانت يومئذ كصومعة في بريّة ، لكن يظهر أنّه لم تسعفه الظروف بذلك.
عودته إلى بغداد
ومهما كان ، فإنّ السيّد ابن طاوس انتقل من كربلاء قاصدا مرّة أخرى مدينة بغداد ، وذلك سنة ٦٥٢ ه ، وبقي فيها مدّة أربع سنوات ، وذلك بعد وفاة المستنصر وتولّي ابنه المستعصم بالله أزمّة الأمور ، وقد كان المستنصر ضعيفا ليّنا منقادا لحاشيته ، فلم يستطع مقاومة جيوش التتار بقيادة هولاكو ، كما قاومهم أبوه من قبل ، حيث كان التتار قد استولوا على بلاد خراسان وطمعوا في بلاد العراق ، فأرسلوا بعض جيوشهم لاحتلال العراق ، فلقيتهم جيوش المستنصر فهزموا التتار هزيمة عظيمة (١).
وفي هذه المدّة كان السيّد ابن طاوس قد اقترح على المستنصر أن يخرج هو ويدبّر الأمر ـ لما عرف بثاقب بصيرته وصواب نظره من وحشيّة التتار وزحفهم على بغداد ، وأنّه لا طاقة للخلافة الضعيفة بهم ـ فأشار عليهم أن يدبّر الأمر ويكفّ
__________________
(١) انظر تاريخ الخلفاء (٤٦١)