فقال : ، ما أحبّ إليّ أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى.
ثمّ انصرفوا ، وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالناس صلاة الفجر ، ثمّ قعد في مجلسه يذكر الله عزّ وجلّ حتّى طلعت الشمس ، فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ، فقال : بخ بخ ، من مثلك ، لقد أصبحت أمين هذه الأمّة!! ثمّ تلا قوله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (١) ، لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمّة ليستخفوا له من الناس ( وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) (٢) ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : لقد أصبح في هذه الأمّة ـ في يومي هذا ـ قوم شابهوهم في صحيفتهم ، الّتي كتبوها علينا في الجاهليّة وعلّقوها في الكعبة ، وإن شاء الله يعذبهم عذابا ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم ، تفرقة بين الخبيث والطيّب ، ولو لا أنّه سبحانه أمرني بالإعراض عنهم ـ للأمر الّذي هو بالغه ـ لقدّمتهم فضربت أعناقهم.
وفي التهاب نيران الأحزان ( ٣٠ ـ ٣١ ) : اجتمع القوم فكتبوا صحيفة على ما تعاقدوا عليه من النكث ـ على ما بايعوا عليه رسول صلىاللهعليهوآله بالخلافة لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ وأنّ الأمر للأوّل ، ثمّ للثاني من بعده ، ثمّ من بعده لأحد الرجلين : إمّا أبو عبيدة أو سالم مولى حذيفة ، وأشهدوا على ذلك أربعة وثلاثين رجلا ، أربعة عشر من أهل العقبة ، وعشرين من غيرهم ، وهم : سعد بن زيد ، وأبو سفيان بن حرب ، وسعيد بن العاص الأموي ، وأسامة بن زيد ، والوليد ، وصفوان بن أميّة ، وأبو حذيفة بن عتبة ، ومعاذ بن جبل ، وبشر بن سعد ، وسهل ، وحكيم بن خزامة ، وصهيب الرومي ، وعبّاس بن مرداس السلمي ، وأبو مطيع بن سنة العبسي ، وقنفذ مولى عمر ، وسالم مولى حذيفة ، وسعد بن مالك [ وهو سعد بن أبي وقاص ] ، وخالد بن عرفطة ، ومروان بن الحكم ، والأشعث بن قيس.
__________________
(١) البقرة ؛ ٧٩
(٢) النساء ؛ ١٠٨