إن لم نقل كلّها ـ وجدناها معتبرة في كتب الأعاظم ، كالكليني والمفيد والسيّد المرتضى والعياشي والطوسي وغيرهم ، بل وحتّى الصدوق من القميّين.
والّذي يلفت النظر ، أنّ عيسى بن المستفاد لا توجد له مرويّات في كتب الحديث الشيعيّة كالكافي والفقيه والاستبصار والتهذيب ، إلاّ ما يتعلّق بمطالب كتاب الوصيّة ، وما يوضّح مقامات الأئمة السامية ، ومع هذا يرجح رجحانا كبيرا ، بل يكاد ينحصر سبب تضعيف ابن الغضائريّ لعيسى بهذه الجهة الّتي لا تصحّ دليلا على التضعيف كما عرفت.
هذا كلّه إذا سلّمنا بنسبة كتاب « رجال ابن الغضائري » إليه ، أو إلى أبيه ، فإنّه قد وقع موقع الشك ، وقد نفى نسبة الكتاب إليهما بالكلّية بعض الأعلام ، كالسيد الخوئي ، حيث قال : « والمتحصّل من ذلك أنّ الكتاب المنسوب لابن الغضائري لم يثبت ، بل جزم بعضهم بأنّه موضوع ، وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري (١) » ، على أنّه قد صرّح الكاظمي وغيره أنّ ابن الغضائريّ مجهول الحال ، فقال : « وهو مجهول الحال لا يعرف مقامه ، وليس هو شيخ المشايخ ، كما نصّ عليه غير واحد من أهل هذا الشأن (٢) ».
البحث الثالث :
في مقدار دلالة قول النجاشي « لم يكن بذاك »
لا يخفى أنّ هناك ألفاظا اصطلح عليها أهل الدراية في ذمّ من يستحقّ الذمّ من الرواة ، وتلك الألفاظ متفاوتة الدلالة على مقدار الذمّ المقصود.
ومرجع هذا التفاوت ، هو الصفات المذمومة الّتي يتلبّس بها الراوي ، شدّة
__________________
(١) معجم رجال الحديث ( ج ١ ؛ ٩٦ ) وانظر مقدمة رجال المجلسي ( ٢٩ ، ٣٠ ) لعبد الله السبزالي
(٢) عدة الرجال ( ج ١ ؛ ٤١٩ )