وضعفا ، ولأجل ذلك أنهى بعض الأعلام مراتب الذمّ إلى عشر مراتب ، وسمّاها بطبقات المجروحين ، وهذه المراتب العشر (١) ـ لو قلنا بها ـ لا تدلّ كلّها على الجرح والقدح في العدالة ، بل بعضها الأقلّ هو الّذي يدلّ على ذلك.
ومن هنا قسّمت مجموعة أوصاف مراتب الذمّ ـ سواء كانت عشرا أو أقلّ أو أكثر ـ إلى ثلاثة أقسام ، باعتبار اجتماعها مع العدالة وعدمه ، وهي :
القسم الأوّل : وهي الأوصاف الشديدة الّتي لا يمكن تصوّر اجتماعها مع العدالة في الراوي ، فوصف الوضّاع والكاذب والفاسق والمبتدع والناصبي ، يدلّ دلالة ذاتيّة على سقوط العدالة بجميع مراتبها ، ممّا لا يدع مجالا لفرض اجتماع الفسق والعدالة ، أو النصب والعدالة ، أو الكذب والعدالة ... ، إلى غيرها من الأوصاف المتباينة الّتي لا يمكن اجتماعها في الراوي الواحد ، إذ النسبة بين وصف العدالة وأحد هذه الأوصاف الدالّة على الجرح ، هي نسبة التباين الكلّي كما لا يخفى.
القسم الثاني : وتدخل فيه الأوصاف الّتي وقع النزاع في دلالتها على القدح والجرح في العدالة ، كقولهم : متروك ، ساقط ، واهي ، ليس بمرضي ، ونحو ذلك ، فإنّ ممّا لا خلاف فيه أنّ هذه الألفاظ في نفسها تفيد ذمّا ، إلاّ أنّ الخلاف وقع في إفادتها القدح أو الجرح.
وقد حكى المامقاني في « المقباس » (٢) ، عن الشهيد في « البداية » (٣) ، أنّه ذهب إلى عدّها من ألفاظ الجرح ، وفي ثبوت ذهاب الشهيد إلى ذلك تأمّل ، وجهه ؛ أنّ بعض نسخ البداية غير معنونة بألفاظ الجرح ، ولعلّ عنونة الجرح في النسخ الباقية من زيادات الشرّاح ، فلا يقين في البين ، فتدبر (٤).
__________________
(١) انظر مستدركات مقباس الهداية ( ج ٦ ؛ ١٩٩ / المستدرك ١٩٧ )
(٢) مقباس الهداية ( ج ٢ ؛ ٣٠١ )
(٣) بداية الدراية ( ٧٩ ، ٨٠ )
(٤) انظر مقباس الهداية ( الهامش ج ٢ ؛ ٣٠١ )