الثالثة : لو تأمّلنا كتاب « الطّرف » وتأملنا صغره باعتبار كمّيّة المرويات والمتون الّتي يتضمّنها ، وقارنّاها بكتاب « الوصيّة » الّذي يتضمّن كتاب « الطّرف » جلّ مطالبه ـ إن لم نقل كلّها ـ وكذلك لو تأملنا موضوع الكتاب وأنّ موضوعه هو الوصيّة ، وأن كلّ مطالبه تنصبّ عليها ، فهي مرتبطة بعضها مع البعض الآخر بنحو ارتباط ؛ فتغسيل عليّ عليهالسلام النبي صلىاللهعليهوآله وتكفينه ، وأنّه أبو سيدي شباب أهل الجنة ، وأنّه فتح له ألف باب من العلم ، وأنّه جمع القرآن ، وأنّه صاحب الصحيفة ، وغير ذلك ، إنّما هي قضايا كلّها تصبّ فيما يتعلّق بالوصية ، فلو تأمّلنا كلّ هذه الجوانب حقّ لنا أن نستبعد أن يكون للكليني « قده » طريق إلى بعضه ، لاستبعاد أن يكون مقسّما إلى أبواب أو فصول ، ويؤيّده أنّ الكتاب ليس كبير الحجم ليضم بين دفّتيه مرويّات كثيرة ، لأننا نحتمل قوّيا أنّه أصغر من كتاب « الطّرف » ، أو مثله على أحسن الاحتمالات.
وعليه ، فلو احتملنا التعميم ، فهو احتمال ليس بعيدا من الصواب ؛ لما تقدم من القرائن وما سيأتي.
الرابعة : لو كان للكليني طريق آخر لكتاب « الوصيّة » أو لبعضه ، لذكره كما هو دأبه في ذلك ، وحيث لم يذكر طريقا آخر ، انحصر طريقه إلى كتاب « الوصيّة » بالطريق المذكور في « الكافي » ، ومن كلّ هذا نستظهر أنّ السند المذكور هو سند الكليني إلى كلّ كتاب « الوصيّة » ، وهذا السند معتبر كما سيأتي.
الخامسة : والّذي يزيدنا وثوقا بما ادّعيناه آنفا ، أنّ البياضي في « الصراط المستقيم » عدّ جميع طرف ابن طاوس خبرا واحدا ، باعتبار أنّ جميع ما في « الطّرف » يصبّ في ما يتعلّق بموضوع الوصيّة من نصّ النبي صلىاللهعليهوآله على أمير المؤمنين عليهالسلام بالوصية وخلافة الأمّة ، ومن نصوص اخرى عنه صلىاللهعليهوآله ، هي عرض مؤهّلات الإمام على عليهالسلام ، وزيادة إيضاحها وبيانها ، وإليك قول البياضي وهو : « ... لقد رأيت ثلاثا وثلاثين طرفة في الوصيّة المذكورة ، نقلها الإمام السيد ابن طاوس