فيه علّة الاضطراب ووجهه ، أضف إلى ذلك أنّه صرّح بقوله : « رواه شيوخنا » ، ممّا يدلّ على اعتدادهم بالكتاب ، وأنّ علماءنا كانوا يأخذون به ويعتبرونه.
وأمّا المجلسي : فإنّ الكتاب كان موجودا عنده سماعا منه عن أشياخه ، وحسبنا في معرفة ذلك قوله « قده » : « ولي إليه أسانيد جمّة » ، ووصف أسانيده « قده » للكتاب بالجمّة ، يكشف عن تظافرها وأنّها تورث الاعتبار عنده كما هو واضح.
وأمّا السيد ابن طاوس : فقد صرّح أنّه جمع كتابه « الطّرف » من روايات من يعتمد عليهم في الرواية ، وهذا يدلّ على شيئين : الأوّل : أنّ له سندا إلى كتاب الوصيّة ، وذلك لأنّه إنّما يروي عن عيسى إحدى وثلاثين طرفة من مجموع ثلاث ثلاثين طرفة ، والّتي هي جلّ كتاب الطّرف. والثاني : أنّه مدح كلّ من رواه عنهم مدحا معتدّا به ؛ حيث قال في معرض تعداد مصنّفاته : « ومنها كتاب الطّرف ... ورواية من يعتمد عليه (١) ».
المطلب الثاني : في مقدار اعتبار العلماء لكتاب الوصيّة.
لا غرو لو قلنا بأنّ كتاب « الوصيّة » كتاب معتبر ، لعدّة شواهد بل أدلّة ، وهذه الأدلّة لو جمعت بعضها مع البعض الآخر ، لأورثت في النفس من الاطمئنان ما يوجب اعتباره والاعتماد عليه في المجالات العقائديّة.
وقد صرّح المجلسي ، بأنه لا عبرة بتضعيف من ضعّف الكتاب ، وذلك لأنّ له إلى الكتاب أسانيد جمّة ، وأنّ الكليني قد اعتبره ، وأنّ السيدين ابن طاوس والرضي قد اعتمدا عليه (٢).
وقد صرّح بذلك أيضا وهو في معرض شرحه للحديث الّذي رواه الكليني
__________________
(١) كشف المحجة (١٩٥)
(٢) انظر بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٩٥ )