بسنده إلى عيسى بن المستفاد ، فقال في « المرآة » : « ضعيف على المشهور ، لكنّه معتبر ، أخذه من كتاب « الوصيّة » لعيسى بن المستفاد ، وهو من الأصول المعتبرة (١) ».
فاعتبار الكليني هذا الأصل ، قد يقال فيه : أنّ طريقه وسنده إليه ضعيف ؛ لجهالة حال عليّ بن إسماعيل بن يقطين والحارث بن جعفر.
وهذا القول وإن كنّا نسلّمه من هذه الجهة ـ إن لم نقل باحتمال ورود مبنى العلاّمة هنا ، والّذي يوثّق كلّ إماميّ لم يرد فيه مدح ولا قدح ـ إلاّ أنّ للمناقشة فيه مجالا من جهة أخرى ، وهي أنّه قد تقدّم عليك أنّ تصحيح القدماء غير مقصور على العدالة والوثاقة ، ويدلّ عليه أنّ الكليني « قده » قال في مقدمة كافيه : « ويأخذ من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهمالسلام ، والسنن القائمة الّتي عليها العمل ، وبها يؤدّى فرض الله عزّ وجلّ (٢) ».
وبما أنّ بعض أحاديث الكافي غير معتبرة من حيث السند ، فلا بدّ أن تحمل عبارة الكليني بأنّ كلّ ما أورده آثار صحيحة عن الصادقين عليهمالسلام ، إمّا على اللّغو وهو محال في حقّ الكليني ، وهو أعلم الناس بهذه الصنعة ، وإمّا أن تحمل على أنّ جميع ما في الكافي معتبر أو صحيح ولو من غير الجهة السندية ، كاجتماع القرائن وتعاضدها حتّى أدّت إلى صحّتها عند الكليني ، باعتبار أنّ تحصيل تلك القرائن في عصر الكليني ممكن جدّا ، لقربه من عهد النصّ ، وهو المعنى الأقرب لعبارته والأرجح منها.
وعليه فطريقه إلى عيسى بن المستفاد معتبر بما تقدّم من الكلام ، ويدلّ عليه أنّ المجلسي قد صرّح باعتبار هذا الطريق بقوله في « مرآة العقول » : « ضعيف على المشهور ، لكنّه معتبر ، أخذه من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد ، وهو من الأصول المعتبرة » (٣).
__________________
(١) مرآة العقول ( ج ٣ ؛ ١٩٣ )
(٢) الكافي ( ج ١ ؛ ٨ )
(٣) مرآة العقول ( ج ٣ ؛ ١٩٣ )