وأمّا الشريف الرضي : فإنّه نقل طرفتين من مطالب الوصيّة في كتابه « خصائص الأئمّة » بسنده عن هارون بن موسى ، الثقة الوجه ، عن أحمد بن محمّد بن عمّار العجلي الكوفي ، الثقة الجليل ، ونقلهما ابن طاوس في طرفه عن كتاب الخصائص ، وصرّح المجلسي هنا باعتماد الرضي عليه ، ممّا يعني أنّه لم ينقل نقلا مجرّدا دون اعتبار ؛ لأنّ النقل شيء ، والاعتماد والاعتبار فيما نحن فيه شيء آخر ، ويؤيّد ذلك أنّ الثقات الأجلّة كانوا قد رووا مضامين كتاب الوصيّة كما عرفت ، ممّا يعني أنّهم هم أيضا اعتبروه واعتمدوا عليه.
ونضيف إلى اعتماد الكليني والسيدين ـ الرضي وابن طاوس ـ عليه اعتماد المسعوديّ واعتباره لمطالب الكتاب ، ولا يخفى أنّ المسعوديّ من أجلّة علماء الشيعة وقدمائهم (١) ، فإنه توفّي سنة ٣٤٦ ه ، وعاصر الغيبة الصغرى ، وقد صرّح « قده » بذلك ، حيث قال : « وللصاحب عليهالسلام منذ ولد إلى هذا الوقت ـ وهو شهر ربيع الأول سنة ٣٣٢ ه ـ ستّ وسبعون سنة واحد عشر شهرا ونصف شهر (٢) ».
فالمسعودي نقل بعض مطالب كتاب الوصيّة باللّفظ كاملة وبعضها مختصرة ، ممّا يعني أحد أمرين : إمّا أن يكون له سند خاص لمطالبه المنقولة وكتاب « الوصيّة » ، أو أنّه رواها عمّن له سند إلى الكتاب ، وإمّا أن يكون نقل ما نقله عن نفس كتاب « الوصيّة » ، وفي كلا الحالتين يستفاد من ذلك اعتماده على الكتاب ، وأخذه مصدرا يستقي منه عقائده في الإمامة والوصيّة.
__________________
(١) هو أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي الهذلي على ما ذكره العلاّمة في الخلاصة : ٤٩ ، وقال صاحب « رياض العلماء » أنّه جدّ الشيخ الطوسي لأمّه ، كما نقل ذلك في مقدمة اثبات الوصيّة.
وقال العلاّمة في « الخلاصة » (٤٩) ، انّه من أجلّة الشيعة الثقات ، ومن مصنّفيهم. وقال صاحب « الرياض » : كان شيخا جليلا مقدما من أصحابنا الإمامية ، عاصر الصدوق « رض ». وعدّه المجلسي في « الوجيزة » من الممدوحين. انظر في نقل أقوال العلماء في حقه مقدمة إثبات الوصيّة.
(٢) إثبات الوصيّة (٢٣٢)