المطلب الثالث : في الشواهد والمتابعات على مرويّات ابن المستفاد.
لو تأملنا مرويّات عيسى بن المستفاد في كتاب « الوصيّة » الّذي قد أكثر النقل عنه ابن طاوس ، واعتمده كثيرا في كتابه « الطّرف » ، مع غضّ النظر عن أقوال الرجاليّين فيه ، فإنّه لا مناص عن قبول كتابه قبولا معتبرا ، والاعتداد به والاعتماد عليه في مقام الاحتجاج العقائديّ ، وذلك لأنّنا وجدنا جلّ مطالبه الّتي اعتمدها ابن طاوس في كتابه هي مرويات ومتون قد أخرجها جهابذة الحديث الشيعي ، كالسيد المرتضى والصدوق والمفيد وغيرهم ، فهي مضامين بعضها متواترة ، وبعضها مستفيضة ، والباقي منها معتبر.
وكان غرضنا الأسمى من العمل في تحقيق هذا الكتاب ليس هو التحقيق المألوف فقط ، بل توثيق الكتاب من الجهتين السندية والدلالية ، بما رواه الأعاظم وخرّجوه في كتبهم المعتمدة.
وبعبارة أخرى : لو سلّمنا ضعف الطرق إلى كتاب عيسى ـ لضعف بعض رواة طريقه ـ والّذي سيؤدي إلى ضعف كتاب « الطّرف » من الجهة السندية ، فلا نسلّم ضعف مضامين الكتاب ، كيف ذلك؟! وقد ثبت أنّ كثيرا من المرويّات الضعيفة سندا هي صحيحة باعتبار الطرق الصحيحة الأخرى لها ، والأسانيد الّتي روت نفس هذه المتون ، أو نحوها من طرق وجهات أخرى ، بل إنّ تظافر الأسانيد والمرويّات ـ حتّى مع ضعفها ـ يورث الاطمئنان بصحّتها ، وليس همّ الفقيه والباحث إلاّ تحصيل الاطمئنان ؛ فإنّ تحصيله هو ما يصبو إليه العلماء والباحثون.
هذا ، مع أنّ ألفاظ الروايات ومضامينها شاهدة على صحّتها (١) ، وأنّها صادرة عن الإمام المعصوم ، كما صرّح بذلك المجلسي رحمهالله.
وقد جعلنا ملحقا لتوثيق مطالب الكتاب واستخراجها من الكتب
__________________
(١) انظر بحار الانوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٩٥ )