أفادتكم النعماء مني ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجبا |
فبينهما عموم وخصوص من وجه فصدقهما حيث يكون باللسان على نعمه ، فهو شكر لكونه في مقابله نعمة ، وحمد لكونه باللسان ، ويصدق الحمد بدون الشكر حيث يكون باللسان على غير نعمه فهو حمد وليس بشكر ، ويصدق الشكر بدون الحمد حيث يكون بالجوارح على النعمة فهو شكر وليس بحمد.
والنعمة هي المنفعة الواصلة إلى الغير إذا قصد بها الإحسان اليه.
والألسنة جمع لسان ، ويقال على الجارحة المخصوصة وعلى اللغة قال الله تعالى « ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ ) » (١) أي : بلغتهم. وقال تعالى « ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم » (٢) وليست الجارحة مختلفة.
واللسان بمعنييه حصر عن شكر نعمته : أما بالمعنى الأول ، فلأنه آلة جسمانية لا لغوي على إعطاء ما يجب عليها من الشكر الذي لا يتناهى ، لكونه في مقابل ما لا يتناهى من النعم.
وأما بالمعنى الثاني ، فلان اللغات على كثرة اختلافها وتعدد أصنافها مقصرة فيما نصفه ونعتريه عن أداء ما يجب عليها من أصناف الشكر ، فكل ذي لغة وان بلغ في الوصف مقصر ، وكل ذي قوة وان اجتهد في أذيال خزنه متغير (٣).
واللسان الذلق وان شقشق (٤) حصر ، والحصر والبكم والعي بكسر العين المهملة والياء المشددة بمعنى ، وهو ضد البلاغة والفصاحة.
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٤.
(٢) سورة الروم : ٢٢.
(٣) في « ق » جريه متعثر.
(٤) في « س » شبشق ، وفي « ق » شقشق.