الأول : الحس المشترك ، ويسمى نبطاسيا ، وشأن هذه الحاسة ادراك الخيالات الظاهرة بالتأدي (١) إليها ، ومحلها البطن الأول من الدماغ.
الثاني : الخيال ، وهي معينة للحس المشترك بالحفظ ، ويرتسم فيها مثل صور جميع المحسوسات بعد عيانها عن الحواس الظاهرة ، وهي خزانة الحس المشترك ، فتلك مدركة للصور وهذه حافظة لامثلتها بعد عيانها ، والأولى قابلة والثانية حافظة.
مثلا تأدى (٢) بسبب إدراك أحد الحواس الظاهرة طعم حلو لذي لون ، فوقع ذلك في نبطاسيا ، ثم انقطع ذلك التأدي ، فلو لم يكن هناك قوة أخرى تحفظ تلك الصورة المدركة بعد عيانها وترتسم فيها أن هذا الطعم لصاحب هذا اللون لانعدم معرفة المحسوس بعد انقطاع تأدية وزوال صورته ، فلهذا قلنا وهي معينة (٣) للحس المشترك وهي خزانته ، ومحلها مؤخر البطن الأول من الدماغ.
الثالث : الوهم وهي قوة يدرك بها النفس معان جزئية لم يتنفذ من الحواس الظاهرة إليها ، كالعداوة والصداقة والموافقة والمخالفة ، كإدراك الشاة معنى في الذئب ، وادراك الكبش معنى في النعجة ، فيدرك هذه الأشياء إدراكا جزئيا ويحكم بها كما يحكم الحس الظاهر بما يشاهده ، ومحلها كل الدماغ لكن الأخص بها مؤخر البطن الأوسط.
الرابع : الحافظة ، وشأن هذه القوة حفظ المعاني الجزئية المتأدية (٤) إليها من الوهم ، فنسبتها الى الوهم كنسبة الخيال الى نبطاسيا ، فالحس المشترك يدرك
__________________
(١) في « س » : البادي.
(٢) في جميع المواضع في « س » : بادى.
(٣) في « س » : متعينة.
(٤) في « س » : المبادي.