التجويف المقدم الى التجويف المتوسط وتأدت الصور المتخلية إلى القوة المفكرة.
وأما إذا انقبض هذا الجسم الشبيه بالدودة تغلظ ويسد المجرى ، فلم ينفذ الروح من التجويف المقدم الى التجويف المتوسط. وحينئذ يمتنع وصول الصورة الخيالية إلى القوة المدركة.
ثم نقول : حركة هذه الدودة في الامتداد والانقباض مختلفة في الناس على قدر أمزجة الادمغة ، فان كان جوهره غليظا باردا كانت حركته بطيئة فلم ينفذ بسرعة ولم يتأد الروح من التجويف المقدم الى المتوسط بسرعة ، فيكون هذا الإنسان غليظ الطبع قليل الحفظ. وان كان معتدلا ، كان جيد الإدراك سريع الحفظ وان كان مفرطا في الحرارة كان شديد الالتهاب مشوش الفكر.
والبطن الأول يجب أن يكون مزاجه رطبا لينطبع فيه صور الأشياء بسهولة ومتى كان ضعيف الرطوبة ضعفت تخيلاته لان الرطب سريع الأخذ سريع الترك واليابس بطيء فيهما.
أما إذا كان معتدلا ، كان جيد التخيل سريع التعليم لما يسمعه (١) ويقرؤه ويورد على حواسه ، ولذلك كان الصبي في وقت الصباء أحسن من غيره ، لكون الأرواح الدماغية فيه رطبة فيسهل قبولها لتلك الصور.
والتجويف الثاني يجب أن يكون مائلا إلى الحرارة ، لان الفكر إلحاق شيء بشيء ، وذلك نوع حركة ، والحركة انما يتم بالحرارة ، فالفكر لا يتم إلا بالحرارة فإن كان تلك الحرارة كثيرة ، كان ذلك الروح شديد الالتهاب ، فكانت تلك الأفكار مشوشة. وان كانت ناقصة ، كان الفكر في النقصان أو البطلان ، وكان صاحبه بليدا وان كان معتدلا في الحرارة والبرودة ، كان صاحبه مستقيم الفكر سريع الجواب حسن الاستنباط.
والتجويف الثالث يجب أن يكون مائلا إلى اليبس ، لان الحفظ لا يتم إلا
__________________
(١) في « س » الى مسمعه.