ووجهه : أن مقتضى الأصل وجوب مهر المثل مع الدخول ، أو ما تراضيا عليه ، والمدفوع قبل الدخول قد يرضى به مهرا وقد لا يرضى ، فعدم مشارطتها على غيره لا يدل على الرضا به ، لجواز مطالبتها بالباقي ، أو اعتقاد كونه هبة ومعونة ، ومن النظر الى فتوى الأصحاب ، والنصوص بذلك.
وفصل العلامة فقال : قد كان في الزمان الأول لا يدخل الرجل حتى يقدم المهر ، والعادة الان بخلاف ذلك ، فلعل منشأ الحكم هو العادة.
فنقول : إذا كانت العادة في بعض الأزمان أو الأصقاع كالعادة في القديم ، كان الحكم ما تقدم. وان كانت العادة كالعادة الان ، فان القول قولها ، هذا آخر كلامه ، وهو حسن.
قال طاب ثراه : لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين ، وقيل : يبطل التدبير بجعلها مهرا ، وهو أشبه.
أقول : يريد لو أمهرها مدبرة ، هل يبطل التدبير بجعلها مهرا؟ فلو طلق عاد اليه نصفها وكان طلقا ، أو يكون التدبير باقيا بعد الامهار ، ويكون الامهار منصرفا إلى الخدمة فتتحرر بموته؟
الأول مذهب الأكثر ، لأن التدبير بمنزلة الوصية ، وهي تبطل بمثل ذلك.والثاني مذهب الشيخ وتلميذه ، وهو بناء على أن التدبير لا يبطل الا بصريح الرجوع ، والأول هو المعتمد.
قال طاب ثراه : أما لو شرطت ألا يفتضها صح ، ولو أذنت بعد ذلك جاز ، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة.
أقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) إلى صحة هذا الشرط والعقد ، والقاضي أبطل الشرط خاصة ، واختاره فخر المحققين ، وفي المبسوط (٢) أبطل العقد والشرط
__________________
(١) النهاية ص ٤٧٤.
(٢) المبسوط ٤ ـ ٣١٨.