نقض أمانه ، فأحضره وجمع بينه وبين عبد الله بن مصعب ليناظره فيما قذفه به ، ورفعه عليه ، فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وادّعى عليه الحركة فى الخروج وشقّ العصا.
فقال يحيى : يا أمير المؤمنين ، أتصدَّق هذا عليَّ وتستنصِحُه؟
وهو ابن عبد الله بن الزبير الذي أدخل أباك عبد الله وولده الشعب ، وأضرم عليهم النار حتّى خلَّصه أبو عبد الله الجدلي صاحب علي بن أبي طالب عليهالسلام منه عنوة؟!
وهو الذي ترك الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآله أربعين جمعة في خطبته ، فلمّا التاث (١) عليه الناس قال : إنّ له أُهيل سوء ، إذا صلّيت عليه أو ذكرته أتلعوا (٢) أعناقهم ، واشرأبّوا لذكره ، فأكره أن أسُرَّهُم أو أُقِرَّ أعينهم.
وهو الذي كان يشتم أباك ويلصق به العيوب حتّى ورم كبده ، ولقد ذُبحت بقرة يوماً لأبيك فوجدت كبدها سوداء قد نقبت ، فقال علي ابنه : أما ترى كبد هذه البقرة يا أبتِ؟ فقال : يا بني ، هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك. ثمّ نفاه إلى الطائف ، فلمّا حضرته الوفاة قال لابنه علي : يا بُني ، إذا متّ فالحق بقومك من بني عبد مناف بالشام ، ولا تقم في بلد لابن الزبير فيه إمرة ، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير.
ووالله إنّ عداوة هذا يا أمير المؤمنين لنا جميعاً بمنزلة سواء ، ولكنه قوي عليّ بك ، وضعف عنك ، فتقرّب بي إليك ليظفر منك بي بما يريد ؛ إذ لم يقدر على مثله منك ، وما ينبغي لك أن تسوِّغه ذلك فيَّ ؛ فإنّ معاوية بن أبي سفيان وهو أبعد نسباً منك إلينا ذكر الحسن بن علي عليهالسلام يوماً فسبّه ، فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك ، فزجره وانتهره ، فقال : إنّما ساعدتك يا أمير المؤمنين! فقال : إنّ الحسن لحمي ، آكُلُه ولا أوكَلُه (٣).
__________________
(١) التاث : أي هاج عليه الناس.
(٢) أتلعوا أعناقهم : أي مدّوها.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٩ / ٩١ ، وبقيّة كلامه قوله : ومع هذا فهو الخارج مع أخي محمد على أبيك المنصور أبي جعفر ، والقائل لأخي في قصيدة طويلة أوّلها :