أنا رسول أمير المؤمنين إليكم ، وهو يعرض عليكم كذا وكذا ، فذكر هذه الخصال.
قالوا : نرجع العشية. فرجعوا ، فاجتمعوا عند ابن الأشعث ، فلم يبق قائد ولا رأس قوم ولا فارس إلاّ أتاه ، فحمد الله ابن الأشعث وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فقد أعطيتم أمراً انتهازكم اليوم إياه فرصة ، ولا آمن أن يكون على ذي الرأي غداً حسرة ، وإنّكم اليوم على النصف ، وإن كانوا اعتدوا بالزاوية فأنتم تعتدون عليهم بيوم تستر ، فاقبلوا ما عرضوا عليكم وأنتم أعزّاء أقوياء ، والقوم لكم هائبون.
فوثب الناس من كلّ جانب فقالوا : إنّ الله قد أهلكهم ، فأصبحوا في الضنك والمجاعة والقلّة والذلّة ، ونحن ذووا العدد الكثير والمادة القريبة ، لا والله لا نقبل ، فأعادوا خلعه ثانية ـ وكان اجتماعهم على خلعه بالجماجم أجمع من خلعهم إيّاه بفارس ـ
فرجع محمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك إلى الحجّاج فقالا : شأنك بعسكرك وجندك ، فاعمل برأيك فإنّا قد اُمرنا أن نسمع لك ونطيع.
وبرزوا للقتال ، فجعل الحجّاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي ، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي ، وعلى خيله سفيان بن الأبرد الكلبي ، وعلى رجاله عبد الرحمن بن حبيب الحكمي.
وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجّاج بن جارية الخثعمي ، وعلى ميسرته الأبرد بن قرّة التميمي ، وعلى خيله عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي ، وعلى رجاله محمد بن سعد بن أبي وقاص ، وعلى مجففته عبد الله رزام الحارثي ، وجعل على القرّاء جبلة بن زحر بن قيس الجعفي.
وكان معه خمسة عشر رجلاً من قريش.
وكان فيهم عامر الشعبي ، وسعيد بن جبير ، وأبو البختري الطائي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
ثمّ إنّهم أخذوا يتزاحفون في كلّ يوم ويقتتلون ، وأهل العراق تأتيهم موادهم من