لم يدخل. قال : إذاً أدخله معك. فنكص عنه الحسن حين غفل الحجّاج ، ثم كان وجهه إلى عبد الملك حتّى قدم عليه ، فوقف ببابه يطلب الإذن ، فمرّ به يحيى بن الحكم ، فلمّا رآه يحيى عدل إليه فسلّم عليه ، وسأله عن مقدمه وخبره ، وتحفّى به ، ثمّ قال : إنّي سأنفعك عند أمير المؤمنين (يعني عبد الملك). فدخل الحسن على عبد الملك فرحّب به ، وأحسن مساءلته (وكان الحسن بن الحسن قد أسرع إليه الشيب) ، فقال له عبد الملك : لقد أسرع إليك الشيب. (ويحيى بن الحكم في المجلس). فقال له يحيى : وما يمنعه يا أمير المؤمنين! شيبه أماني أهل العراق ؛ كلّ عام يقدم عليه ركب يمنّونه الخلافة. فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال : بئس والله الرفد رفدت! وليس كما قلت ، ولكنّا أهل بيت يسرع إلينا الشيب. وعبد الملك يسمع ، فأقبل عليه عبد الملك فقال : هلمّ ما قدمت له. فأخبره بقول الحجّاج ، فقال : ليس ذلك له ، اكتبوا له كتاباً لا يجاوزه. فوصله وكتب له ، فلمّا خرج من عنده لقيه يحيى بن الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره ، وقال : ما هذا الذي وعدتني. فقال له يحيى : إيهاً عنك! والله لا يزال يهابك ، ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة ، وما ألوتك رفداً (١).
قال الأبطحي : يظهر من ذلك عدم صحة ما نسب إليه في دعوى الإمامة ؛ ولذلك سعى عليه كذباً إلى عبد الملك بن مروان ووليد بن عبد الملك.
قال ابن عنبة عند ذكر الحسن بن الحسن عليهالسلام (٢) : وكان عبد الرحمان بن الأشعث قد دعا إليه وبايعه ، فلمّا قُتل عبد الرحمان توارى الحسن.
وقيل لعبد الملك : إنّ أهل العراق يدعونه إلى الخروج معهم عليك ، فعاتب الحسن بن الحسن عليهالسلام ، فجعل يعتذر إليه ويحلف له ، فكلّمه خالد بن يزيد بن معاوية في قبول عذره (٣).
__________________
(١) تاريخ دمشق ابن عساكر ترجمة الحسن بن الحسن.
(٢) عمدة الطالب / ١٠٠.
(٣) الأغاني ـ لأبي الفرج ١٣ / ١٥.