ولمّا أمره هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة والي عبد الملك على المدينة أن يشتم آل علي علياً عليهالسلام ، وآل الزبير عبد الله بن الزبير ، وأبوا جميعاً وكتبوا وصاياهم ، فأمر الوالي بإرشاد أخته أن يشتم آل علي آل الزبير وآل الزبير آل علي ، فكان الحسن بن الحسن عليهالسلام أوّل مَنْ أقيم إلى جانب المنبر ، وكان رجلاً رقيق البشرة عليه يومئذ قميص كتّان رقيق فأمره هشام بسب آل الزبير فامتنع ، وقال : إنّ لآل الزبير رحماً ، يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟! فأمر هشام حرسياً عنده أن اضربه ، فضربه سوطاً واحداً من فوق قميصه ، فخلص إلى جلده فسرّحه حتّى سال دمه تحت قدمه في المرمر (١).
وقيل للوليد بن عبد الملك : إنّ الحسن بن الحسن عليهالسلام يكاتب أهل العراق ، فكتب إلى عامله بالمدينة عثمان بن حيّان المري : انظر الحسن بن الحسن فاجلده مئة ضربة ، وقفه للناس يوماً ، ولا أراني إلاّ قاتله. فجيء بالحسن والخصوم بين يديه ، فقام إليه علي بن الحسين عليهالسلام فقال : «أخي ، تكلّم بكلمات الفرج يفرّج الله عنك : لا إله إلاّ الله الحكيم الكريم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين». فلمّا قالها انفرجت فرجة من الخصوم ، فرآه عثمان فقال : أرى وجه رجل قد افتُريت عليه كذبة ، خلّوا سبيله وأنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره ، فإنّ الشاهد يرى ما لا يراه الغائب. وقيل : إنّ والي المدينة كان يومئذ هشام بن إسماعيل (٢).
قال المفيد (٣) : وقبض الحسن بن الحسن عليهالسلام وله خمس وثلاثون سنة رحمهالله ، وأخوه زيد بن الحسن حي ، ووصى إلى أخيه من أمّه إبراهيم بن محمد بن طلحة.
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق ١١ / ١١٠ بإسناده عن مصعب قال : وتوفي الحسن بن الحسن فأوصى إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة ، وهو أخوه لاُمّه.
__________________
(١) ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ١١ / ١٠٨.
(٢) ذكره ابن عساكر في ترجمته ١١ / ١٠٧ ، ورواه نحوه بطريق آخر لكن فيها : إنّ الوالي كان هشام بن إسماعيل. ورواه النسائي في كلمات الفرج كما في تهذيب التهذيب.
(٣) الإرشاد / ١٩٧.