.................................................................................................
______________________________________________________
والظاهر أنّ نظره الشريف في ذلك إلى أنّ العلم الإجمالي لا يكون منجّزاً في مثل المقام ممّا لا يكون المعلوم بالإجمال فعلياً على كلّ تقدير ، وإنّما هو فعلي في تقدير خاص ، وهو ما إذا كان المتروك هو التشهّد ، حيث إنّه مأمور فعلاً بالرجوع والتدارك ، وأمّا إذا كان هو السجدة فلا أمر بالقضاء بالفعل ، وإنّما يحدث الأمر به بعد الفراغ من الصلاة فيصير فعلياً بعد حين ، ولا بدّ في التنجيز من تعلّق العلم الإجمالي بالحكم الفعلي على كلّ تقدير.
وعليه فجريان قاعدة التجاوز بالإضافة إلى التشهّد سليم عن المعارض لعدم فعلية الحكم في الطرف الآخر لتجري فيه القاعدة كي تتحقّق المعارضة ومن ثمّ حكم (قدس سره) بالمضي وإتمام الصلاة.
نعم ، بعد الفراغ منها الّذي هو ظرف للأمر بالقضاء يعلم حينئذ إجمالاً إمّا بوجوب قضاء السجدة لو كانت هي المتروكة ، أو التشهّد لو كان هو المتروك فيجب الجمع بينهما رعاية للعلم الإجمالي المتعلِّق حينئذ بالحكم الفعلي على كلّ تقدير ، كما تجب سجدتا السهو مرّة واحدة لما هو المتروك الواقعي منهما ، هذا.
واحتمل (قدس سره) أخيراً وجوب العود لتدارك التشهّد والإتمام ثمّ قضاء السجدة فقط مع سجود السهو والاحتياط بإعادة الصلاة.
أقول : الظاهر أنّ ما احتمله أخيراً هو المتعيّن من غير حاجة إلى الإعادة لضعف ما اختاره أوّلاً ، لما بيّناه في محلّه (١) من عدم الفرق في تنجيز العلم الإجمالي بين الدفعي والتدريجي ، فلا يشترط في التنجيز الفعلية على كلّ تقدير في ظرف التنجيز ، بل لو كان الحكم في أحد الطرفين فعلياً في الحال وفي الطرف الآخر فعلياً في الاستقبال كان كافياً في التنجيز ، لجريان الأُصول حينئذ في الأطراف وسقوطها بالمعارضة ، إذ المناط في الجريان ترتّب الأثر ولو بعد حين
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٣٦٨.