.................................................................................................
______________________________________________________
من الالتفات حين العمل وأنّه لا يترك شيئاً من أجزائه ، لكونه على خلاف ظاهر حاله. وكما أنّ مقتضى طبعه هو الالتفات وعدم ترك جزء سهواً ، فكذا مقتضى طبعه الأوّلي عدم ترك جزء عمداً وعدم الإخلال العمدي بالأجزاء المتأخِّرة ، فإنّ هذا أيضاً على خلاف ظاهر حاله كسابقه.
وبعبارة اخرى : التعليل المزبور ناظر إلى إخراج صورة واحدة عن إطلاقات أدلّة القاعدة ، وهي صورة العلم بالغفلة واستناد احتمال الصحّة إلى المصادفة الواقعية ، فتبقى الصورتان الأخيرتان وهما الترك المستند إلى احتمال الغفلة والترك المستند إلى احتمال العمد مشمولتين لإطلاق الأدلّة ، بعد أن كان كلّ منهما على خلاف ظاهر حال المصلِّي وما يقتضيه طبعه الأوّلي حسبما أشرنا إليه.
ومنه تعرف الجواب عن دعوى الانصراف ، فإنّها غير بيِّنة ولا مبيّنة بعد أن كان الإطلاق مطابقاً لما هو المرتكز عند العقلاء من عدم الاعتناء بالشك بعد التجاوز ، ومن غير فرق بين احتمال الترك سهواً وعمداً ، وقد مرّ غير مرّة أنّ قاعدة التجاوز ليست قاعدة تعبّدية صرفة ، بل هي مجعولة على وفق ما تقتضيه السيرة العقلائية من عدم الاعتناء بالشك المزبور الشامل لكلتا الصورتين.
ويؤيِّد ما ذكرناه من الإطلاق أنّ قاعدة الحيلولة المجعولة لدى الشك بعد خروج الوقت لم يفرق فيها ظاهراً بين ما إذا كان احتمال الترك مستنداً إلى السهو أو إلى احتمال العمد ، ولا فرق بين هذه القاعدة التي هي بمثابة الشك بعد العمل وبين قاعدتي الفراغ والتجاوز في ملاك الحكم من حيث السعة والضيق.
فانّ الشك بعد تجاوز المحل وبعد الفراغ من العمل وبعد خروج الوقت كلّ ذلك قواعد عقلائية مندرجة تحت ضابط واحد ، ومرتضعة من ثدي فأرد ومرجع الكلّ إلى عدم الاعتناء بالشك العارض بعد المضي عن الشيء إمّا عن