.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّ أصل الترك معلوم حسب الفرض ، وكونه عمدياً مدفوع بمقتضى القاعدة فيحرز بذلك عدم استناد الترك إلى العمد ، وكلّ ما كان كذلك فهو محكوم بما عرفت من العود إن كان قبل تجاوز المحل الذكري ، والقضاء ان كان بعده ، فلا موجب للحكم بالبطلان.
ويندفع أوّلاً : بأنّ شأن القاعدة ليس إلّا التأمين من ناحية امتثال التكليف ولا تكاد تتكفّل لإثبات حكم آخر مترتِّب على موضوع آخر ، والمقدار الّذي ثبت التعبّد به في المقام من جريان القاعدة إنّما هو عدم بطلان الصلاة من جهة احتمال ترك الجزء عمداً ، ولا نظر فيها إلى إثبات موضوع القضاء أو سجدتي السهو ، بل يرجع في نفيهما إلى أصالة البراءة لولا المعارضة مع القاعدة المستلزمة للمخالفة القطعية كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ الموضوع للقضاء أو سجدتي السهو لو كان هو مجرّد عدم استناد الترك إلى العمد لأمكن المساعدة على ما أُفيد ، إلّا أنّ المستفاد من الأدلّة أنّ الموضوع هو الترك المستند إلى غير العمد من سهو أو جهل أو تخلّف اعتقاد ونحو ذلك ، وإثباته بالقاعدة الجارية لنفي الترك العمدي من أوضح أنحاء المثبت.
وبعبارة اخرى : للترك حصّتان عمدي وسهوي ، وهما متضادّان ، يلازم كلّ منهما عدم الآخر ، فمع نفي الترك العمدي بقاعدة التجاوز لا يمكن إثبات الترك السهوي إلّا بالملازمة الخارجية الناشئة من العلم الوجداني بتحقّق أصل الترك وعدم كونه عمدياً بمقتضى جريان القاعدة ، وقد عرفت أنّ القاعدة لا تتكفّل بإثبات اللوازم غير الشرعية ، فلا مناص من الحكم بالإعادة كما ذكرنا.