.................................................................................................
______________________________________________________
والإطلاق ، فليس لنا علم إلّا بوجوب مردّد بين كونه بشرط شيء ، أي مقيّداً بكونه في ضمن الأكثر ، المترتِّب عليه عدم حصول الامتثال بإتيان الأقل فقط وبين كونه لا بشرط ، أي مطلقاً من حيث الانضمام إلى الأكثر وعدمه. فالعلم بوجوب الأقل ليس إلّا علماً بالجامع بين المطلق والمقيّد ، وهو عبارة أُخرى عن نفس العلم الإجمالي ، بل هو مقوّم له ، وليس شيئاً آخر وراءه ، فكيف يمكن أن ينحلّ به ، وهل هذا إلّا انحلال الشيء بنفسه.
وعلى ضوء هذا البيان منع (قدس سره) عن الانحلال في المقام ، فانّ بطلان الصلاة لم يكن معلوماً على سبيل الإطلاق ، بل المعلوم هو جامع البطلان المردّد بين ما استند إليها نفسها وما كان مرتبطاً بالوضوء ، وهو عين العلم الإجمالي المتعلِّق ببطلان أحدهما ، فلا يمكن أن يكون موجباً لانحلاله.
ويرد عليه (قدس سره) أوّلاً : ما تعرّضنا إليه في الأُصول (١) في باب الأقل والأكثر من أنّ ما أفاده (قدس سره) متين جدّاً لو أراد به الانحلال الحقيقي الّذي ضابطه أن تنحل القضيّة الشرطية المنفصلة على سبيل منع الخلو إلى قضيتين حمليتين إحداهما متيقّنة والأُخرى مشكوكة ، كما لو علمنا بنجاسة أحد الإناءين فقامت بيّنة على نجاسة أحدهما المعيّن ، فإنّه يقال عندئذ : هذا الإناء بعينه نجس يقيناً ، وذاك مشكوك النجاسة ، بعد أن كنّا نقول : إمّا هذا نجس أو ذاك نجس.
فانّ الانحلال بهذا المعنى يتعذّر انطباقه على المقام ، ضرورة أنّ كلّاً من وجوب الأقل المطلق والمقيّد بما لهما من الحدّ وبصفة الإطلاق أو التقييد مشكوك فيه ، ولم يكن أحدهما متيقّناً بالإضافة إلى الآخر ، فانّ كلّاً منهما حادث مسبوق بالعدم ، ويشك في كيفية الجعل من أوّل الأمر وأنّه واسع أو
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٣٣.