ولا كتّاناً ولاقطناً ولكن سداهُ شعراً ولحمتُه أوبار الإبل فقامت تطلب رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجر نسائه حجرة حجرة ، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ساجداً كثوب متلبّد (١) بوجه الأَرْض ، فدنت منه قَرِيباً فسمعته في سجوده وهو يقول :
سَجدَ لَكَ سَوادِي وَخَيالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤادِي هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيْتُهُ عَلى نَفْسِي يا عَظِيمُ تُرْجى لُكُلِّ عَظيمٍ اغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ فَإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ العَظِيمَ إِلاّ الرَبُّ العَظِيمُ. ثم رفع رأسه وأهوى ثانياً إلى السجود وسمعته عائشة يقول : أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضائَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُونَ وانْكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الأوّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنْ فُجأَةِ نَقِمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ وَمِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْباً تَقِيّاً نَقِيّاً وَمِنَ الشِّرْكِ بَرِيئاً لا كافِراً وَلا شَقِيّاً. ثم عفّر خديه في التراب وقال : عَفَّرْتُ وَجْهِي فِي التُّرابِ وَحُقَّ لِي أَنْ أَسْجُدَ لَكَ. فلّما همَّ رسول الله بالانصراف هرولت إلى فراشها وأتى النبي إلى الفراش ، وسمعها تتنفس أنفاسا عالية! فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله ما هذا النفس العالي؟ تعلمين أيّ ليلة هذه؟ ليلة النصف من شعبان ، فيها تقسم الأَرْزاق وفيها تكتب الآجال وفيها يكتب وفد الحاج ، وإنّ الله تعالى ليغفر في هذه الليلة من خلقه أكثر من شعر معزى قبيلة كلب ، وينزل الله ملائكته من السماء إلى الأَرْض بمكة (٢).
الرابع عشر : أن يصلّي صلاة جعفر الطيار ، كما رواه الشيخ عن الرضا صلوات الله عليه (٣).
الخامس عشر : أن يأتي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات وهي كثيرة منها مارواها أبو يحيى الصنعاني عن الباقر والصادق عليهالسلام ورواها عنهما أيضاً ثلاثون نفراً ممن يوثق بهم ويعتمد عليهم ، قالوا : قالا عليهالسلام : إذا كانت ليلة النصف من شعبان فصلِّ أربع ركعات تقرأ في كل ركعة الحمد و (قل هو الله أحد) مائة مرة ، فإذا فرغت فقل :
_________________
١ ـ لبط فلاناً لبطاً : صرعه ويقال لبط به الارض.
٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٤١ ـ ٨٤٢.
٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٨.