فلمّا سلّمت تبسم وردّ هو عليّ السلام ، ثم أتيت حافظ الأحذية وسألته عن صاحبي فأجاب قد خرج وسألني أكان هو صاحبك؟ قلت : نعم. ثم أويت إلى البيت الذي كنت أحلّ بها ضيفاً فبت فيه ليلتي فلمّا أصبح الصباح توجّهت إلى حضرة الشيخ محمد حسن وقصصت له قصتي فوضع يده على فيه ونهاني عن إفشاء القصّة وقال لي : وفقك الله. فكنت أكتمها ولا أنبي بها احداً. وبعد شهر من حدوثها شاهدت يوماً في الحرم الطاهر سيداً جليلاً يدنو مني ويسألني ماذا حدث لك ويلمح إلى القصّة فأنكرتها قائلا : لم يحدث لي شي فأعاد عليّ كلامه فاشتّد إنكاري لها ثم غاب عن بصري ولم أعد أره بعد. انتهى (١).
المطلب الثاني
في الذهاب إلى المسجد الشريف مسجد براثاً والصلاة فيه ..
اعلم أن جامع براثاً من المساجد المعروفة والمباركة وهو واقع على الطريق بين الكاظمية وبغداد على الطريق الذي يسلكه الوافدون لزيارة الاعتاب المقدسة في العراق من دون مبالاة بالمسجد الذي يمرّون عليه على ما روي له من الفضل والشرف الرفيع.
قال الحموي وهو من مؤرخي سنة ستمائة في كتابه (معجم البلدان) : براثاً محلّة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول وكان لها جامع مفرد تصلّي فيه الشيعة وقد خربت عن آخرها. وقال : كانت الشيعة قبل الراضي باللهِ ، والخليفة العبّاسي يجتمع فيه قوم منهم يسبّون الصحابة فكبسه الراضي بالله وأخذ من وجده فيه وحبسهم وهدمه حتى سوى به الأرض وأنهى الشيعة خبره إلى حكم الماكاني أمير الأمراء ببغداد فأمر بإعادة بنائه وتوسيعه وإحكامه وكتب في صدره اسم الراضي ولم تزل الصلاة تقام فيه إلى بعد الخمسين وأربعمائة ثم تعطلت إلى الان وكانت براثاً قبل بناء بغداد قريه يزعمون أنّ علياً عليهالسلام مرّ بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور وأنّه دخل حمّاما كان في هذه القرية وينسب إلى براثاً هذه أبو شعيب البراثي العابد كان أول من سكن براثاً في كوخٍ يتعبد فيه فمرّت بكوخه جارية من أبناء الكتاب الكبار وأبناء الدنيا كانت ربيت في القصور فنظرت إلى أبي شعيب فاستحسنت حاله وما كان عليه فصارت كالأسير له فجاءت إلى أبى شعيب وقالت : أريد أن
_________________
١ ـ النجم الثاقب للنوري : ٢٧١ في الحكاية ٣١ من باب ٧.