.................................................................................................
______________________________________________________
تنجز فيه والبراءة عمّا لم يتنجز فيه ، فالعلم بوجوب الأقل نفسيا أو غيريا انما ينحل إذا كان وجوبه المعلوم بالتفصيل منجّزا على كل تقدير ، إذ لو لم يكن كذلك بأن لكان منجزا على تقدير وجوبه النفسيّ وغير منجز على تقدير وجوبه الغيري ـ لجريان البراءة عن الأكثر المستلزم لعدم تنجز وجوب الأقل غيريا ومقدميا ـ لما أمكن دعوى اشتغال الذّمّة به قطعا حتى يرتفع الترديد المقوّم للعلم الإجمالي ، إذ الموجب لاشتغال الذّمّة هو التكليف الفعلي المنجز لا الفعلي ولو لم يبلغ مرتبة التنجز ، فإذا لم يتنجز وجوب الأكثر لم يتنجز وجوب الأقل الّذي هو مقدمة له ، وحينئذ فلم يعلم اشتغال الذّمّة بهذا الأقل على تقدير وجوبه الغيري ، والمفروض أن الانحلال متوقف على القطع بالاشتغال بأحد الطرفين بالخصوص على كل تقدير ، وإلّا فلا مجال له ، لتبعية النتيجة لأخس المقدمتين (*)
إذا عرفت هذه الأمور ، فاعلم : أن دعوى انحلال العلم الإجمالي هنا في غير محلها ، لأنه خلاف الفرض ، إذ المفروض توقف الانحلال على تنجز وجوب الأقل على كل تقدير ـ بمقتضى المقدمة الخامسة ـ سواء كان الواجب الواقعي هو الأقل أم الأكثر ، مع أنه ليس كذلك ، فان الواجب لو كان هو الأكثر لم يكن
__________________
(*) قد يقال : «ان الانحلال لا يتوقف على تنجز التكليف على تقديري تعلقه بالأقل وتعلقه بالأكثر ، بل الانحلال وتنجز التكليف بالنسبة إلى الأكثر متنافيان لا يجتمعان ، فكيف يكون متوقفا عليه ، بل الانحلال مبني على العلم بوجوب ذات الأقل على كل تقدير أي على تقدير وجوب الأقل في الواقع بنحو الإطلاق وعلى تقدير وجوبه في الواقع بنحو التقييد ، فذات الأقل معلوم الوجوب ، انما الشك في الإطلاق والتقييد ... وانما نشأت هذه المغالطة من أخذ التنجز على كل تقدير شرطا للانحلال ، وهذا ليس مراد القائل بالبراءة».