.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
إذا كان الفعل معدّا لوجود الغرض وأنيط تحققه بأمور خارجة عن قدرة المكلف كما في حرث الأرض وإلقاء البذر فيها لصيرورته سنبلا ، فلا يوجب الاحتياط العلم بترتب الملاك على الإتيان بكل ما يحتمل دخله في حصوله. وحيث ان جل الأحكام الشرعية بل كلها من قبيل المعدات لملاكاتها ، فلا مجال للتمسك لوجوب الإتيان بالأكثر بلزوم تحصيل العلم عقلا بحصول الغرض المنوط بإتيان الأكثر.
لكن فيه : أن المعوّل في معرفة كون الأفعال المتعلقة للأحكام الشرعية معدّات أو عللا تامة لترتب ملاكاتها الداعية إلى تشريع أحكامها عليها هو الأدلة المتكفلة لبيان ترتبها على تلك الأفعال ، ومن المعلوم ظهورها في ترتبها عليها بدون توسيط مقدمة وضم إرادة فاعل مختار إليها ، ومقتضى أصالة التطابق بين مقامي الثبوت والإثبات هو كون الأفعال عللا تامة لترتب الملاكات عليها ، لا أن تكون معدّات لذلك ، حيث ان دخل أمر آخر في حصول الغرض يتوقف على مئونة زائدة ثبوتا وإثباتا ، والإطلاق كاشف عن انحصار المحصل له في خصوص الفعل المتعلق به الطلب ودافع لاحتمال دخل غيره فيه ، ويشهد له ما ورد في خطبة الصديقة الطاهرة صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها : «جعل الصلاة تنزيها من الكبر والزكاة تنمية للمال والأمر بالمعروف مصلحة للعامة ...».
والحاصل : أن عدّ الأحكام الشرعية كالتكوينيات نظير إلقاء البذر ونحوه مما يكون معدا لحصول الغرض مما لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه ، وحيث ان الأغراض مترتبة على نفس الأفعال فيستكشف منه أن الفعل مستقل في التأثير ، ولا بد من الاحتياط حينئذ عند دوران الأمر بين ترتب الغرض الملزم على الأقل وترتبه على الأكثر بإتيان الأكثر.