لأنه يقال (١) : ان الجزئية وان كانت غير مجعولة بنفسها ، الا
______________________________________________________
(١) هذا دفع الإشكال وإيراد على كلام الشيخ الأعظم ، ومحصله : أن الجزئية وان لم تكن مجعولة لكونها أمرا انتزاعيا ، إلّا أن منشأ انتزاعها وهو الأمر مجعول شرعي ، وهذا يكفي في جريان البراءة فيها ، إذ المهم كون مجرى الأصل مما تناله يد التشريع وضعا ورفعا ولو بالواسطة سواء كان مجعولا بالاستقلال كالأحكام التكليفية المستقلة كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أم بالتبع كالأحكام الوضعيّة نظير الجزئية والشرطية ونحوهما ، فمجرد تبعية الوضع للتكليف لا يمنع من شمول الحديث له ، لإمكان رفعه برفع منشأ الانتزاع وهو تعلق الأمر النفسيّ بالأكثر. وضمائر «بنفسها ، أنها ، انتزاعها» راجعة إلى الجزئية.
__________________
رفع الأحكام التكليفية والوضعيّة : «قلت : مجرد تبعيتها لها في الرفع والوضع لا يقتضي اتحاد رفعها مع رفعها ووضعها مع وضعها ، بداهة أن السببية والمسببية تقتضيان الاثنينية لا الاتحاد والعينية».
وفيه : أن الإشكال المزبور لا يندفع بما أفاده (قده) سواء أكانت الجزئية منتزعة عن الأمر أم مسببة عنه ، ضرورة أنه على الأول لا وجود للجزئية حتى تنفي بالأصل ، وانما الوجود لمنشإ انتزاعها ، إذ الأمر الانتزاعي اعتبار يعتبره المعتبر من وجود شيء ، فلا وجود له حتى ينفي بأصل البراءة. وعلى الثاني وان كان لكل من السبب والمسبب وجود على حدة ، إلّا أنه لمّا كان المسبب رشحا وأثرا له فلا يعقل بقاء السبب التام بعد انتفاء مسببه ، بل ارتفاعه يكشف عن انتفاء سببه لعدم انفكاك المعلول عن علته التامة ، كعدم تعقل عدم تأثير العلة التامة في معلولها.
فالنتيجة : امتناع نفي الجزئية مع بقاء الأمر سواء كانت الجزئية مسببة عن الأمر أم منتزعة عنه.