أنها مجعولة بمنشإ انتزاعها ، وهذا (١) كاف في صحة رفعها.
لا يقال (٢) : انما يكون ارتفاع الأمر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه وهو الأمر الأول (٣) ، ولا دليل (٤) آخر على أمر آخر (٥) بالخالي عنه (٦).
______________________________________________________
(١) أي : الجعل التبعي للجزئية كاف في صحة جريان البراءة فيها ، وضمير «رفعها» راجع إلى الجزئية.
(٢) هذا إشكال على كون الرفع بلحاظ الأمر الّذي هو منشأ انتزاع الجزئية مثل قوله تعالى : «أقيموا الصلاة» المشكوك تعلقه بالسورة مثلا.
توضيح هذا الإشكال هو : أنه بعد جريان أصالة البراءة في الأمر بالأكثر الّذي هو منشأ انتزاع الجزئية لا يبقى أمر يتعلق بالأقل ، والمفروض عدم دليل آخر يدل على كون الواجب هو الأقل ، وأصالة البراءة أيضا لا تثبته إلّا على القول بحجية الأصول المثبتة ، فلا وجه حينئذ لما أفيد قبيل هذا من «أن عموم حديث الرفع يرفع الإجمال والتردد عن الواجب المردد بين الأقل والأكثر ويعينه في الأقل» وذلك لبداهة ارتفاع الأمر بأصل البراءة ، ولا أمر آخر يدل على كون الواجب هو الأقل الخالي عما شك في جزئيته.
فالنتيجة : أن البراءة الشرعية لا تجري حتى يثبت أن الواجب هو الأقل وينحل به العلم الإجمالي بل يجب الاحتياط عقلا بإتيان الأكثر.
(٣) وهو الأمر المتعلق بالأكثر المفروض ارتفاعه بحديث الرفع.
(٤) أي : والحال أنه لا دليل آخر على تعلق طلب آخر بالأقل.
(٥) يعني : غير الأمر الأول المتعلق بالأكثر المرتفع بحديث الرفع.
(٦) أي : عما شك في جزئيته ، والمراد بالخالي عن المشكوك هو الأقل.