فتارة لتردده بين المتباينين (١) ، وأخرى بين الأقل والأكثر الارتباطيين (٢) ، فيقع الكلام في مقامين
______________________________________________________
فالعلم بالجنس مع تعدد المتعلق مندرج في المقام ، ومع وحدته داخل في البراءة كما عرفت.
(١) توضيحه : أن الشك في المكلف به قد يكون لتردده بين المتباينين ذاتا كدوران الواجب بين الصوم والصدقة ، أو عرضا كدورانه بين القصر والتمام فيما إذا علم بوجوب أحدهما إجمالا ، فان التباين بينهما انما هو لكون الركعتين الأوليين ملحوظتين في الأول بشرط لا وفي الثاني بشرط شيء ، ولذا لا ينطبق أحدهما على الآخر ، كما لا ينطبق أحد المتباينين ذاتا كالصوم والصدقة على الآخر.
والضابط في العلم الإجمالي المتعلق بالمتباينين هو رجوعه إلى قضية منفصلة مانعة الخلو ، فيقال في المثال : «الواجب اما الصوم واما الصدقة» وهذا يرجع إلى قضيتين شرطيتين يكون مقدم كل واحدة منهما أحد طرفي العلم الإجمالي وتاليها نقيض الطرف الآخر ، فيقال حينئذ : «ان كان الصوم واجبا فليست الصدقة واجبة» وبالعكس. وهذا بخلاف الأقل والأكثر ، فانه لا يصح ذلك فيهما ، فلا يقال : «ان كانت العشرة واجبة فليست الثمانية واجبة» بداهة أن الثمانية بعض العشرة ، فوجوب العشرة وجوب الثمانية وزيادة ، فوجوب الثمانية قطعي سواء أكان الأكثر واجبا أم لا.
وقد يكون الشك في المكلف به لتردده بين الأقل والأكثر ، فيقع الكلام ـ كما في المتن ـ في مقامين أحدهما في المتباينين والآخر في الأقل والأكثر.
(٢) أما المردد بين الأقل والأكثر الاستقلاليين فهو خارج موضوعا عن الشك في المكلف به ، إذ لا إجمال في المكلف به حقيقة ، ضرورة أنه يعلم من أول الأمر بتعلق التكليف بالأقل ويشك في تعلقه بالزائد عليه.