.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
نعم لو لا الداعي النفسانيّ إلى الترك لكان المكلف منزجرا بالاستناد إلى النهي الإلهي ، إلّا أن ذلك استناد تعليقي لا عبرة به ، إذ الموجب لكمال النّفس هو الاستناد الفعلي كما لا يخفى.
وأما الوجه الثالث ـ وهو كون القضايا الشرعية كالقوانين العرفية وليست أحكاما شخصية ـ ففيه أولا : أن القضايا الشرعية الكلية إمّا من القضايا الحقيقية التي ينشأ الحكم فيها على الموضوع المفروض وجوده ، وإما من القضايا الطبيعية التي ينشأ الحكم فيها على الطبيعة ويثبت للأفراد من باب الانطباق ، فخطاب «كتب عليكم الصيام» مثلا إنشاء لوجوب الصيام على المؤمن الّذي له وحدة نوعية ، وهذا الخطاب وان كان واحدا ، لكنه يشمل كل فرد من أفراد المكلفين إما لكون القضية حقيقية ، واما لانطباق الطبيعة عليه. وبعد اختصاص كل مكلف بخطاب يعود ما تقدم من المحذور. ومجرد تبعية الأحكام للملاكات التي لا دخل لعلم المكلف وجهله وقدرته وعجزه فيها لا ينفع شيئا ، إذ الكلام في استهجان خطاب التارك للمنهي عنه بطبعه لا في وجود المناط في الخارج عن الابتلاء ، فانه ليس محل البحث.
وثانيا : أنه ـ مع تسليم كفاية انبعاث الغالب أو العدد المعتد به وانزجاره في صحة إنشاء الخطاب القانوني ـ لا يسند به باب النقض ببعض ما يعلم بضرورة الفقه حرمته شرعا مع عدم ميل جل الناس ـ بل كلهم ـ إلى ارتكابه لو لا طروء العنوان الثانوي ، نظير أكل الميتة التي صارت جيفة ، فان من له أدنى مسكة يتنفر عنها بالطبع قطعا ، فيلزم عدم جعل حرمة أكلها لهؤلاء ، ومن المعلوم أنه مخالف لما يعلم من الدين ضرورة ، ونظيره من الأحكام التي لا تؤثر في إرادة المكلف وكراهته غير عزيز.
وقد تحصل : أن محذور الاستهجان العرفي في الخطاب بالخارج عن الابتلاء