تمتع من شميم عرار نجد |
|
فما بعد العشية من عرار (١) |
وأما فوائده التي يلقيها على الجليس ، فكأنها لو لا حلها سكر الخندريس. وأما تصرفه في الأبحاث فتصرف نقاد ، لا يقنع منها دون خرط القتاد. وأما شعره فهو الصعب الذلول ، الذي تلعب معانيه بالعقول ، لا يقاس إلا بشاعر معرة النعمان ، المنتدب إلى نظم الدرر في قلائد الجمان. وأما ابتكاره للمعاني المترمة ، وانتحاله للنكات المخضرمة ، فأمر وقع عليه الإجماع ، ولم يبق في حكايته نزاع ، فلله دره ما أحدّ فهمه وأمض عزمه ، ويكفي برهانا على هذه المقالة ما سنورد له في هذه الرسالة ، فمن ذلك قوله مادحا جناب حضرة الوالد المحترم السيد أحمد أفندي الكواكبي ومهنئا له بالإفتاء وبعيد الفطر :
هي ما حنت فعدها المنحنى |
|
وارعها الصمّان من تلك الأشا |
واسقها علا رواء مخمسا |
|
وأرحها من تباريح العنا |
فلقد أضنى بها الكدح وما |
|
لبست إلا جلابيب العرى |
خرقت خاوي النواحي خافق ال |
|
لمع لا تعلم ما جذب البرى |
ترتمي إذ تألف البيد إلى |
|
غير ما مرمى رغت تشكو الونى |
أقول : وهي طويلة نكتفي منها بهذه الأبيات ، وقد عارض بها كما ترى المقصورة الدريدية ، وهي ناطقة برسوخ قدم المؤلف في العلوم الأدبية واللغوية.
والشيخ صادق هذا هو أخو الشيخ عبد القادر البانقوسي من أعيان القرن الثاني عشر وقد تقدمت ترجمته.
وخلف المترجم ولدا اسمه الشيخ محمد عاصم ، كان عالما فاضلا ، توفي سنة ١٢٢٩ ودفن في تربة أرض عواد في قاضي عسكر. رأيت من تآليفه رسالة في حكم تكرار الجماعة أولها : الحمد لله وحده ، ثم قال : فقد سئلت عن الصلاة الثانية التي تقام في جامع بني أمية بحلب في الأوقات جماعة على الهيئة الأولى هل لأحد من الحنفية الاقتداء بإمامها ، وهل ذلك مكروه تحريما أو تنزيها .. إلخ ، وهي وريقات. وإليه تنسب الآن عائلة بيت الشيخ عاصم.
__________________
(١) البيت للصمة القشيري.