وخلع عليه خلع الوزارة وتوجه معه إلى سفر مصر واستنقاذها من الفرنساوية ، فعين إبراهيم باشا إلى دمياط ويسر الله له فتحها ، وكانت أول بلدة استحوذ عليها المسلمون من إقليم مصر وأخذوها من الإفرنج وتتابعت الفتوحات والحمد لله تعالى.
ومنها أنه كان ملازما للشيخ إسماعيل المواهبي في خلوته الأربعينية غالبا ، وكان يجري معه أشياء لا يقدر أحد على إجرائها من المعاصرين كأنه متحكم فيه وفي مجالسه ، فتغالى ليلة من الليالي في ذلك وسطا على بعض إخوان المواهبي بهذيان اللسان ، والمواهبي متحمل لذلك كله على مضض ، فهم بعض إخوان الشيخ المتعصبين بإهانة الأستاذ في صورة لا يعود بعدها إلى حضور الخلوة ، فخرج ليلا من الزاوية الصالحية واختفى في مكان ، حتى إذا مر به الأستاذ أوقع به إما ضربا أو تخويفا ، واستصحب معه عصاة إذا احتاجها ، فلما مر به الأستاذ وهم بما في ضميره أخذته رعدة وخشية وتراخت أعضاؤه ، وبقي على ذلك حتى مر الأستاذ وغاب فانطلق وعاد إليه حاله وتاب من ذلك.
وكان أشياخه الدين قرأ عليهم وانتفع منهم كالشيخ العقاد والصوراني يعظمونه ويهابونه ويعترفون له بالفضل والتفرد ، وأنه لو بقي على حاله الأول ولم يحصل له هذا الجذب كان فاق العلماء الأول تحقيقا وتدقيقا. وكان في حال صحوه لم يقع في يده كتاب من كتب العلماء إلا ويشاكل فيه المؤلف إن كان متنا أو شرحا ، على الخصوص كتب القوم ، وقد شاهدنا ما كتبه على ذلك والحق معه في كل ما يستشكله ويناقش به رحمهالله تعالى.
(وقال الشيخ أبو الوفا الرفاعي في مجموعة له أخرى) :
إن السيد عبد الجواد الكيالي أعقب أولادا نجباء ، منهم السيد الشيخ علي (المتوفى سنة ١٢٠٧ وقد قدمنا ترجمته) والسيد إسحق وأخ جليل محترم برع في العلوم وطرأ عليه الجذب الإلهي اسمه إسماعيل. وكان الأستاذ عبد الجواد والدهم قدسسره يتحدث بنعمة الله ويقول (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ)(١). ولما توفي الشيخ علي إلى رحمة الله وكان الجذب تزايد على أخيه الشيخ إسماعيل وألف الوحدة فأخرج حرم أخيه المتوفى ومن يلوذ به على صورة العنف والإهانة من الدار ، فبلغ الخبر أخاه الشيخ إسحق فغضب لذلك ودار بينهما أمر المشاجرة ، فقال إسحق لإسماعيل : الموعد بيني وبينك ستون
__________________
(١) إبراهيم : ٣٩.