الترمانيني (١) الأزهري الشافعي ، مفتي الشافعية في الديار الحلبية.
كان آية من آيات الفضل ونابغة من نوابغ الدهر علما وعملا وذكاء ونبلا وخلقا.
ولد في قرية ترمانين في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وماية وألف ، وبعد أن حفظ القرآن العظيم وقرأ مقدمات العلوم العزبية والدينية على والده وعلى بعض فضلاء حلب رحل إلى الجامع الأزهر في مصر ، وذلك في سنة عشرين ومائتين ، فعكف فيه على تحصيل الفنون والعلوم ولازم دروس أعيان علماء الآزهر كالشيخ محمد الشنواني والشيخ حسن القويسني والشيخ حسن العطار والشيخ عبد الله الشرقاوي والشيخ الفضالي وغيرهم من أفاضل الجامع الأزهر ، فما لبث بضع سنين حتى مهر وبهر. ثم عاد إلى حلب سنة ثلاث وثلاثين وكان العلم فيها آخذا في الانحطاط لسبب الأوبئة التي حصلت في حلب ، وقصفت يد المنون غير واحد من العلماء فيها ، وما كاد يستقر أمره حتى اشتهر فضله وعلا ذكره وهرع إليه الأهلون ، فتصدر للإفتاء والتدريس وصار مدرسا في الجامع الأموي الكبير ومحدثا في مدرسة العثمانية ومدرسا للمدرسة القرناصية.
وفي سنة ثمان وثلاثين أسند إليه منصب الإفتاء على مذهب الإمام الشافعي وصار مدرسا في المدرسة الرحيمية بالقرب من جامع المستدامية وسكن في الدار الملاصقة للمدرسة الموقوفة على من كان مدرسا فيها عملا بالتعامل القديم ، ولم يأل جهدا في نشر العلم والإرشاد.
ثم شرع في التأليف فألف حاشية على منهج الطلاب في مذهب الشافعي في مجلدين ، وهي موجودة بخطه عند حفيده الفاضل صديقنا الشيخ إبراهيم ابتدأ في تأليفها حينما كان مجاورا في الأزهر وأتمها في حلب. ومما قاله في آخرها : وقد وافق الفراغ من تتميمها ليلة الجمعة في أول ليلة خلت من شهر رمضان لسنة تسع وأربعين ومائتين بعد الألف من الهجرة ، وذلك بمدرسة الرحيمية في زمن قلت فيه الرغبات وانعدمت فيه المروءات واستوى
__________________
(١) نسبة لترمانين وهي قرية واقعة غربي حلب تبعد عنها ثماني ساعات ، وهو فيها من بيت معروف بالعلم والصلاح ويدعى بيت الشيخ نسبة لجد أبيه الشيخ أحمد المدفون في القرية المذكورة والمتوفى سنة ١١٨٦ ، وكان عالما عاملا وقبره لا زال موجودا فيها ومكتوب عليه :
رحم الله ضريحا |
|
لذوي الحاجات يقصد |
ضم قطب الوقت أرّخ |
|
شيخ أهل العصر أحمد |
ومالكو القرية الآن من أحفاده.