يصيب أولادهم الذكور من هذا الشرط ، فتعمدوا عدم تشميل ما وقفوه لأولاد البنات الأباعد لأنه كما قال الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
ولاشتراط الواقف هذا الشرط حكاية غريبة ، وهي أنه كان في سنة ١١٦٤ وقف وقفا قبل إنشاء جامعه المتقدم مشتركا بين الخيرات والذرية ، وخصص قسمه الذري لأولاده الذكور والإناث وقال : إذا تزوجت الأنثى يعود نصيبها لأخوتها ، فساء ذلك إحدى بناته المتزوجات ، والمظنون أنها السيدة الحاجة زينب ، فعمدت بعد المذاكرة مع والدتها إلى إعمال الحيلة لتبديل فكر والدها وإرجاعه عن حصر الوقف في أولاده الذكور وحرمان البنات المتزوجات ، وهي أنه كان يوما من الأيام فأخذت زوجته تنظر إلى الأثواب واحدا بعد واحد ، إلى أن وقع نظرها على ثوب نفيس من الحرير ، فتظاهرت بالدهشة والاستغراب من وجود هذا اللباس معها وشرعت تستنطق الدلّالة عن كيفية وصوله إليها ، فقالت لها : إني مررت بالأمس على العائلة الفلانية فأعطتنيه خفية إحدى السيدات لأبيعه ، وأسرت إليّ بأنها في أشد اللزوم لثمنه ، فعندما سمعت جواب الدلّالة تظاهرت بالكدر وتنهدت وهمست بأذن زوجها قائلة : إن هذا اللباس لابنته ، وبناء على ضيق يدها اضطرت لعرضه للبيع ، فتأثر المترجم من ذلك كثيرا وأعطى الدلّالة ثمنه مضاعفا وصرفها ، وبعد ذهابها قالت له زوجته : إذا اضطرت ابنتك لبيع ثيابها وأنت حي فكيف يكون حالها وحال ذريتها بعدك! فازداد تأثرا ونجحت حيلة البنت وأمها حيث إنه ما لبث حتى غيّر ذلك الوقف بوقف آخر أعظم منه شامل لأولاد البنات.
وفي هذه السنة وهي سنة ١٣٤٥ منحصر ريع هذا الوقف العظيم بسعيد أفندي الأميري المعروف بالصوراني وهو متولي الوقف الآن وشقيقته الحاجة مريم وابنة عمه السيدة أمة الله بنت أحمد أفندي ، وهم من ورثة الواقف الذكور ، والحاج صالح العداس وهو من ذرية الواقف الإناث من نسل ليلى بنت الواقف.
ولأولاد الواقف وبناته وزوجاته وعتيقاته وزوجات أولاده أوقاف كثيرة في وجوه الخير والبر ، وهي عامرة إلى الآن ، ولو ذكرنا ذلك بطريق الاستقصاء لطال الكلام فاكتفينا بالإشارة إلى ذلك.