ربيع الثاني سنة ١٢٩٣ ، ودفن في تربة الجبيلة في أواخرها من الجهة الشمالية رحمهالله رحمة واسعة.
وقد مضى على وفاته اثنان وخمسون سنة والناس إلى الآن لهجون بذكره والثناء الحسن عليه في محافلهم ومسامراتهم ويعددون مناقبه وكراماته ومزاياه مما لو جمعناه لكان في سفر كبير. وقد دعانا ذلك أن نزيد في ترجمته ونبسط المقال في أحواله ومؤلفاته مما تلقيناه من أقاربه وعارفيه الواقفين على شؤونه فنقول :
كانت ولادته رحمهالله في قرية ترمانين سنة ١٢٠٨ كما وجدته مقيدا في مجموعة المشاطي بخطه ، ثم جاء به والده إلى حلب وهو ابن ست سنين وعلمه القرآن العظيم تلاوة وحفظا ، ثم شرع في طلب العلم فقرأ على والده الشيخ عبد الكريم وعلى الشيخ أحمد الهبراوي الملقب بالشافعي الصغير وعلى أخيه الشيخ محمد مبادىء العلوم ، ثم انبعثت في نفسه رغبة التوجه إلى القاهرة للمجاورة بالأزهر ، فعرض على والده ما قام بنفسه فاستحسنه ، غير أنه أمره بالتربص مدة ريثما يبلغ سن الرشد.
ذهابه إلى الأزهر :
وفي سنة ١٢٣٠ أذن له والده بالسفر إلى القاهرة ، ولما وصلها لزم الإقامة في جامع الأزهر وأخذ في تحصيل العلوم العقلية والنقلية ، وكان معه أخوه الشيخ محمد الذي تقدمت ترجمته وكان أكبر منه بسنتين ، وكان أحد ذهنا منه وأسرع فهما ، فكان يصعب ذلك على الشيخ ، فصار يحفظ متون المطولات عن ظهر قلب ، وربما حفظ الشروح مضاهاة لأخيه. وما زال مجدا في ذلك إلى أن فتح الله عليه وصار سريع الفهم ثاقب الذهن وأربى على أخيه.
وتلقى العلم هناك على الشيخ حسن القويسني شيخ الأزهر والشيخ أحمد الدمهوجي الشافعي والشيخ أحمد الصاوي المالكي الخلوتي والشيخ محمد الدمنهوري والشيخ حسن العطار. وأخذ الطريقة الخلوتية على الشيخ أحمد الصاوي المتقدم. وما زال مكبا على التحصيل منقطعا إليه وإلى العبادة حتى شهدت له مشايخه بتفوقه على أقرانه ، ومع هذا فما كان ليغتر بذلك أو يلتفت إليه ، وما كان في أثناء هذه المدة ليشتغل في غير التحصيل ،