الإمام الفاضل المحدث الشهير ، علامة حلب الشهباء وشيخ الحديث بها العلامة المفيد ذو الهيبة والوقار.
كان عالما محافظا على السنة الغراء ، محبا لأهل الطريق والدراويش والعلماء ، لا سيما لمن يقدم لتلك الديار ، أخلاقه حسنة وأوصافه مستحسنة.
ولد بحلب في سنة ست ومائة وألف ، وقرأ على والده وانتفع به وحضر دروسه الحديثية والتفسيرية والفقه والعقائد والأصول والآلات ، ثم قرأ على جمع كثير منهم الشيخ مصطفى الحلبي (١) ، والشيخ أسد بن حسين ، وإبراهيم بن محمد البخشي ، وإبراهيم بن حيدر الكردي ، وسليمان بن خالد النحوي ، ومحمد بن محمد الدمياطي البدري ، وابن الميت الشعيفي الحلبي ، والعالم الشيخ زين الدين أمين الإفتاء ، والمحقق المولى أبو السعود الكواكبي ، والعلامة الشيخ يس ابن السيد مصطفى طه زاده وغيرهم.
وقدم دمشق أولا في سنة إحدى وعشرين ومائة وألف ، وأخذ عن جماعة منهم الشيخ أبو المواهب الحنبلي ، والأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي ، والشيخ عبد القادر التغلبي ، والمنلا إلياس الكردي نزيلها ، والشيخ أحمد الغزي ، والشيخ عبد الرحمن المجلد ، والشيخ محمد بن علي الكاملي الدمشقي وأجازه بفتح المتعال في النعال للشيخ أبي العباس المقري المغربي نزيل القاهرة عن المولى الفاضل أحمد الشاهيني الدمشقي وهو عن المقري المؤلف.
وتوجه إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين وأخذ بالحرمين عن أجلائها منهم المحدث الكبير الشيخ أحمد النخلي ، والمتقن الرحلة الشيخ عبد الله البصري ، والشيخ أبو طاهر بن العلامة الرباني الشيخ إبراهيم الكوراني ، والولي المشهور السيد جعفر وغيرهم.
ثم رجع إلى حلب وهو مكب على القراءة والإقراء مع قيامه بخدمة والده إلى أن توفي والده وذلك في سنة ست وثلاثين ، وبعد أحد عشر يوما كف بصره فحمد الله وأثنى عليه واسترجع عند المصيبتين ، ولم يمنعه فقد بصره من الاشتغال بالعلم والحديث ، بل ازداد حرصا واشتغالا. ثم في سنة ثلاث وأربعين حج ثانيا وأخذ عن المحدث الشيخ محمد حياة السندي والعلامة الشيخ محمد الدقاق وغيرهما. ثم رجع إلى بلده ودأب في الأخذ
__________________
(١) هو الحفسر جاوي كما رأيته في ثبته.