وهناك انتدبه سنة ١٨٧٧ وزير المعارف لتحرير جريدة (الصدى) العربية التي كانت تصدر فيها بأمر الحكومة الفرنسية.
وكان يترجم بين سفراء الحكومات العربية الذين كانوا يقصدون باريس كوزراء مراكش وتونس وزنجبار وبين وزراء فرنسا وغيرهم من أشراف العاصمة. وبين أولئك الوزراء نذكر خير الدين باشا وزير باي تونس ، فإنه اتخذ صاحب الترجمة نديما له وجعله أمين سره وكلفه ترجمة رسالات عديدة سياسية من اللسان العربي إلى الفرنسي وتهذيب بعض الرسائل التي كان يكتبها الوزير بالعربية. وقد توثقت عرى المودة بينهما فلم يكن يستغني عنه يوما ، حتى إنه استصحبه معه إلى حمّامات فيشي حيثما كان يذهب في صيف كل عام أكثر رجال السياسة من سائر الممالك للمذاكرة في المهمات متسترين ببراقع الاستحمام.
ومن غرر أشعاره الموشح الذي مدح به خير الدين باشا ومطلعه :
ساعد الحظّ بذا اليوم السعيد |
|
طالع ميمون |
فغدا عود اللقا أبهج عيد |
|
صفوه مضمون |
جرد البرق على عنق الغمام |
|
صارما بتّار |
فانبرى يفتك في جيش الظلام |
|
آخذا بالثار |
وهفا خفقا كعتب المستهام |
|
إثر ركب ثار |
ولما انتدب خير الدين باشا سنة ١٨٧٩ لمنصب الصدارة العظمى كتب إلى جبرائيل يستدعيه إلى القسطنطينية ، فلبى هذا أمر الصدر الأعظم ، وكان يأكل على مائدته ويملي على سمعه درر مفاكهته ، وكلفه الصدر المشار إليه إنشاء جريدة (السلام) وكان خير الدين باشا ينشر بها آراءه السياسية وأفكاره في طرق إصلاح السلطنة ، ثم ألغيت الجريدة. وكان صاحب الترجمة قد نال شهرة بعيدة لدى أعاظم رجال الدولة العثمانية.
وبعد استقالة خير الدين باشا من منصب الصدارة وردت الرسائل على الدلال من رئيس المكتب الملكي في فينا عاصمة النمسا التي يطلب بها إليه أن يكون أستاذا أول في المكتب المذكور ، فرحل إليها سنة ١٨٨٢ حيثما لبث سنتين. وألف لتلامذته رسالة في الهمزة وأحكامها ، ورسالة ثانية في قواعد اللغة العربية تقرّب منالها على الطالبين من الفرنج.
وكان يراسل في أسفاره أهم جرائد ذلك العصر كصحيفة (الجوائب) في الآستانة