و (الجنان) في بيروت و (الأهرام) في الإسكندرية و (مرآة الأحوال) في لندن.
وفي تلك الأثناء اقترح عليه السيد موسى المفضل وزير مراكش أن يمدح سلطانها مولاي حسن ، فنظم قصيدة من غرر القصائد حازت حسن القبول.
ولما وافى باريس ناصر الدين شاه إيران طلب وزيره حينذاك يعقوب خان إلى جبرائيل دلال أن يمدح جلالته ، فنظم قصيدة شائقة مطلعها :
يا أيها الملك المظفّر |
|
ذو البطش والليث الغضنفر |
يا ناصر الدين الذي |
|
في الملك قام مقام حيدر |
وفي صيف سنة ١٨٨٤ عاد إلى حلب بعد أن طال رحيله عنها نحو سبعة عشر عاما وقد طبقت شهرته الآفاق واشرأبت لرؤيته الأعناق ، فأقام في منزله مجلسا للآداب جمع فيه شتيت ذوي الألباب ، لم تر مثله الشهباء منذ قديم الزمان ، غير أن بعض الحساد افتروا عليه قولا زورا وفعلا يعلو هذا الصحافي علوّا كبيرا ، فعكروا صفاء أيامه ، وسئمت نفسه الإقامة في وطنه مع شدة تعلقه به ، فرحل عنه ولسان حاله ينشد مع الشاعر (١) :
سيذكرني قومي إذا جد جدّهم |
|
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر |
وأم مدينة بيروت ، فلقي من حفاوة علمائها به ما أنساه شيئا من الأكدار التي صادفها في آخر أيام إقامته بحلب. ثم قصد القسطنطينية وحل ضيفا على صديقه منيف باشا وزير المعارف الذي أعاده إلى الشهباء وعينه لوظيفة أمين خزانة مجلس المعارف في مركز ولايتها ، وأضاف إليه منصب أستاذ أول للغة الفرنسية في المكتب الإعدادي في المدينة المذكورة ، وقال له حينئذ هذا الوزير : [إن هذا دون ما يليق بفضلك ووجاهتك ، ولكن إن قدر الله فستنال بعده ما يشرح صدور أهل الفضل] فقام الدلال بخدمة ذلك المنصب بكل أمانة ، إلى أن اتهم بتأليف وطبع قصيدة (العرش والهيكل) المشهورة التي لم ترق في عيون الحكام المستبدين في العهد الحميدي ، فعزل من منصبه وألقي في السجن مدة سنتين حتى فاجأته المنية في صبح الرابع والعشرين من كانون الأول سنة ١٨٩٢ عن ستة وخمسين عاما قضاها في الأسفار وخدمة العلم ، فتقاطر آله وأصحابه ونقلوه إلى منزله ، ثم دفن بين ذرف
__________________
(١) هو أبو فراس الحمداني.