سبب اشتهار هذه العائلة بذلك ، وكانت تعرف ببني السيّاف.
ولد رحمهالله سنة ألف ومائتين وإحدى وخمسين ، ولما بلغ سن التمييز شرع في القراءة والكتابة ، ثم تلقى مبادىء العلوم على علماء عصره ، منهم شيخ محلته الشيخ عمر الطرابيشي ومدرس المدرسة الأسدية الشيخ عبد المعطي النحيف. ثم شرع في تلقي العلوم الروحانية والفلكية على والده الذي كانت له اليد الطولى في هذه العلوم والشهرة الواسعة كما ألمعنا إلى ذلك في ترجمته. ثم إنه بعد وفاة والده أكب على المطالعة فيها وفي تلك الكتب التي آلت إليه من والده ، إلا أنه لم يصل إلى الدرجة التي كان عليها والده ولم تحصل له تلك الشهرة.
ومن مناقبه في هذا الشأن ما حدثني به الشيخ عبد الله المعطي أنه كان له أخ يقرأ هو والمترجم بعض العلوم الفقهية على والده الشيخ عبد المعطي ، فأراد المترجم أن يعلّم أخا الشيخ عبد الله شيئا من هذه العلوم ، وباشر في ذلك ، فلم تمض مدة وجيزة إلا واعتراه الجنون ، وبقي على ذلك إلى أن توفي. وكان جالسا مرة مع الشيخ عبد الله ، فأخذ ورقة وكتب فيها حروفا لا تفهم ودق الورقة بمسمار ، فصارت الورقة تدور ، فأمسكها الشيخ عبد الله بيده وقال له : ناشدتك الله أن تكف عن ذلك ، فإني أخاف على نفسي وأخشى أن يصيبني ما أصاب أخي ، فأمسك عندئذ. والشيخ عبد الله لا زال إلى هذه السنة وهي سنة ١٣٤٥ في عداد الأحياء.
وتولى المترجم صندوق المالية في ولاية حلب في أيام واليها ناشد باشا وفي أيام واليها جميل باشا ، ولم يكن توليته لهذه الوظيفة عن طلب أو توسل منه ، غير أن هذه الوظيفة كان يعين لها من اتصف بالدراية والاستقامة والأمانة ، ولاجتماع هذه الخصال في المترجم دعي إلى توليتها وألح عليه في قبولها.
وفي أيام ولاية جميل باشا كان حسام الدين أفندي القدسي رئيسا للمجلس البلدي ، فاتهم بالتواطؤ والاتفاق مع المترجم على مناهضة جميل باشا والقيام ضده لما كان يجريه من الأعمال الاستبدادية ، وطبعا إن ذلك لم يرق في عين جميل باشا ، وكان ممن لا يألو جهدا بالبطش بمن رام معارضته في أعماله ومعاكسته في مقاصده ، فاتهم المترجم بالخيانة في صندوق المالية ، في حين أن جميل باشا هو الذي كان يشتري بواسطة بعض الصيارف الذين وضعهم تحت يده السندات التي كانت تعطى بيد المأمورين الملكيين والعسكريين.