لأرشد ذوي الأرحام ثم لمن تربع على سرير الإفتاء من المفاتي الحنفية بحلب ، وأن يعطى للمتولين مئتا أسدي ويعطى للمفاتي ما تنقل التولية إليهم مائة أسدي وذلك في كل سنة.
واشترط أن يقيم بالمدرسة رجل فاضل متضلع بالعلوم معروف بالزهد والصلاح ، وألا يكون مسقط رأسه ومرباه في إيالة حلب ، بل يكون آتيا من ديار أخرى ، وأن يكون ماهرا بالفنون العقلية فيقرأ للطلبة في كل صباح الفنون العقلية ويعطى له شهريا ٨ قروش أسدية ، وأن يقطن في الحجرات ثلاثون رجلا من الصلحاء بهم قابلية واستعداد للتحصيل ومجدون في طلب العلم على ألا يكون مسقط رأسهم ومحل نشوهم في إيالة حلب بل يكونون من بلدان أخر (١). وبعد أداء صلاة الصبح من كل يوم يجتمعون في المسجد ويتلو كل واحد جزءا مستقلا من القرآن العظيم. واشترط كاتبا لضبط إيراد الأوقاف ومصاريفها وجابيا يستوفي ريعها وغلاتها إلى غير ذلك من الوظائف واللوازم للمسجد والمدرسة والمكتب. ثم قال : حرر في منتصف شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وألف. ا ه.
ولم أقف على أول من تولى التدريس فيها ، لكني رأيت في أول حاشية العلامة الشيخ محمد المرعشي الملقب بساجقلي زاده على قول أحمد والخيالي على شرح السعد للعقائد النسفية ما نصه : لما وليت تدريس الشعبانية بحلب المحروسة في قريب من تمام ألف ومائة من الهجرة إلخ. ويظهر من هذا أنه ثاني من تولى التدريس فيها.
وبعد وفاة المترجم صار المتولي عليها ولده الشيخ مصطفى ، بقي من سنة ١٣١٦ إلى سنة ١٣٣١ ، ففيها أتى إلى حلب أحمد جودة أفندي من أهالي بروسة مستصحبا امرأة هرمة تسمى خديجة وادعى أن هذه المرأة وأخاها الغائب حمدي أفندي هما من ذرية الواقف وأنهما المتوليان على هذه المدرسة بمقتضى شرط الواقف. وطال أمد المحاكمة والمرافعة بينهما لدى قضاة حلب إلى سنة ١٣٣٨ ، ففيها استرضي الشيخ مصطفى بدفع مائتي ليرة وعشرين ليرة عثمانية ذهبا لقاء ما وضعه من مصاريف المرافعة في تلك المدة ، وعندئذ تنازل الشيخ مصطفى عن التولية وحكم بها لهذه المرأة ولأخيها وبالوكالة عنهما لأحمد جودة المذكور.
ومن حين استلامه للوقف وللمدرسة قطع معلوم المجاورين والمدرسة بحجة أنه يريد تطبيق شرط الواقف المشعر بأن مجاوري المدرسة ومدرسها يلزم أن يكونوا من الغرباء ،
__________________
(١) أصاب الواقف في قوله : بهم قابلية واستعداد إلخ وأخطأ في قوله : على ألا يكون مسقط رأسهم في إيالة حلب.