ملازمة الظل لصاحبه وتتلمذ له وتخرج عليه في علم الموسيقى والأنغام ، وصار مساعدا له في الإنشاد في الزاوية المذكورة ويرافقه أينما ذهب ، إلى أن توفي البشنك سنة ١٢٧٢ فاستقل بعده في رئاسة الحلقة.
وكان بدا له أن يتطلب العلوم العربية والأدبية والشرعية ، فقرأ على الشيخ أحمد الكواكبي والشيخ عبد القادر الحبّال النحو والصرف والفقه والحديث. ثم اتصل بالشيخين الشيخ عبد السلام الترمانيني فقرأ عليه حصة وافرة من علم الحديث ، والشيخ أحمد الزويتيني مفتي الحنفية فقرأ عليه الفقه الحنفي.
وبعد أن أخذ بحظ وافر من علم العربية والأدب في مدة وجيزة لما كان عنده من الذكاء الفطري عني بنظم الشعر والقدود وصار يلحنها ويلقيها أثناء الذكر ، وشاع بذلك ذكره وبعد صيته ، ومع هذا فقد كان حيث أدركته حرفة الأدب في ضيق من معيشته ، تعاطى صنعة العطارة مدة فكان يعيش منها ومن الراتب القليل الذي كان يتناوله من الإنشاد في الزاوية المتقدمة.
ثم إنه رفع إلى الوالي جميل باشا قصيدة امتدحه فيها ، فسعى في تعيينه بقراءة جزء في الجامع الكبير براتب مائة قرش أعني ليرة عثمانية ذهبية في كل شهر ، وترك الإنشاد في أواخر عمره لكبر سنه.
وأمّ الناس بالوكالة في الجامع الكبير في محراب الحنفية مدة طويلة ، ثم في المسجد الكائن داخل خان القصابية ، فكان يعيش بهذه الوظائف القليلة عيشة الكفاف.
ولم تزل هذه حالته إلى أن وافاه الأجل المحتوم ليلة الاثنين سادس عشر ذي الحجة سنة ١٣١٧ وذلك يوافق ثالث نيسان سنة ١٣١٦ رومية كما هو محرر في الدفتر المحفوظ عند ناجي الكردي رئيس خدمة الجامع الكبير الذي يقيد فيه وفيات موظفي الجامع جميعهم في حينها ، ودفن في تربة السفيري في التربة الوسطى منها.
وترجمه الأديب قسطاكي الحمصي في مجلة الشعلة وفي كتابه «أدباء حلب» فقال :
إنه كان عالما فقيها ، وفي علمي اللغة والحديث نبيها ، وهو آخر عالم فقدته البلاد السورية في فني الموسيقى والألحان العربية ويروى أن له عدة مجاميع ضمنها من الطرائف