والظرائف طائفة مما له ولغيره ، فهل في الحمى أديب عالم بمكانها فينتضيها انتضاء السيوف من أجفانها ، ويبرزها إبراز النفائس من صوانها.
وكان أوصى أن لا يحنّط ، وظن بعضهم أن ذلك لفرط شحه ، فإن كان ما دفعه إلى ذلك ما ظنوه فهو من الغرابة بمكان.
وكان يقرض الشعر ، ولم يصل إلينا إلا ما نثبته هنا. ثم أورد له تخميسا وأبياتا من قصيدة ، وقال في صدر ترجمته إن وفاته كانت سنة ١٣٠٨.
أقول : إن من حدث الأديب المترجم بأن المترجم أوصى أن لا يحنّط فقد افترى عليه أشد الافتراء ، وبحثت عن ذلك كثيرا من عارفيه وذويه فأنكروا ذلك أشد الإنكار. وقوله إن وفاته سنة ١٣٠٨ هو أيضا خطأ محض ، وكيف تكون وفاته في هذا التاريخ وقد ذكرت في ترجمة شيخه الشيخ أحمد الزويتيني المتوفى سنة ١٣١٦ الأبيات التي نظمها المترجم ونقشت على لوح قبره ، وأن الورقة التي كتب فيها تلك الأبيات هي عندي بخطه ، والصواب في وفاته ما قدمناه.
وكان بيني وبين ولد له اسمه بشير معرفة تامة ، فقد كنت أنا وهو في المدرسة المنصورية ، وقد هاجر إلى مصر منذ سنين وهو لا زال فيها إلى الآن ، فبعيد وفاة والده أطلعني على ديوان أبيه ، فاستعرته منه ونقلت منه ثلاثين صحيفة من قصائده وتخاميسه وتشاطيره وقدوده ضمن مجموع لا زال محفوظا عندي ، سنثبت هنا قسما منها ، وأما قصيدته التي امتدح بها الوالي جميل باشا التي أشرنا إليها فهي منشورة في عدد (٦٩٦) من جريدة الفرات الرسمية المؤرخ في رابع ذي القعدة سنة ١٢٩٩ وهي :
عود عيد وفى لنا بقبول |
|
أم حبيب قضى لنا بالوصول |
أم رياح بنفحة المسك هبت |
|
أم شفاء لمدنف وعليل |
أم بشير أتى بلقيا حبيب |
|
أم شموس تنزهت عن أفول |
أم صباح بدا بطالع سعد |
|
أم سنا طلعة الوزير الجليل |
أشرقت في الربوع بعد احتجاب |
|
فهدتنا إلى سواء السبيل |
يا لها نعمة بها أنعم الله |
|
علينا وكم شفت من غليل |
فله الحمد والثنا كل آن |
|
وله الشكر في الضحى والأصيل |