بيت المال من الأموال التي عليها المعوّل في الحروب ، وكان رئيس المجلس أحمد وفيق باشا موافقا لرأيه ، لكنه تغلب رأي القائلين بلزوم إعلان الحرب ، وكانت النتيجة خسارة الأموال والرجال والبلاد كما هو مبسوط في أخبار هذه المحاربة.
وآخر وظيفة أسندت إليه عضوية هيئة التحقيق بنظارة الضابطة العثمانية ، ومنها حسب طلبه وإلحاحه أحيل على التقاعد ، وذلك في جمادى الأولى سنة ١٣١٣ ، فلزم من ذلك الحين بيته وأخذ في إدارة أملاكه وأطيانه بالإسكندرونة وناحية أرسوز ، وتعاطى الزراعة بنوع تطبيق على الفن الحديث.
وما زال على ذلك إلى أن وافته المنية على إثر جموح جواده به وسقوطه عنه أثناء عودته من قصبة (قاب أو) مركز ناحية أرسوز ، ونقل وقتئذ إلى الإسكندرونة للتداوي فلم ينجع فيه دواء لكثرة الرضوض وعظم الجروح ، فلبى دعوة ربه في الثالث عشر من شهر شوال سنة ١٣٢٥ ودفن بمدفنه الخاص به بالمحل المعروف بقلعة الصغيرة بالإسكندرونة ، وكان الأسف عليه عظيما لما كان عليه من العلم والمعرفة والدراية في الأمور والدهاء والمعرفة بسياسة الدولة العثمانية ، وكان لها اعتماد عظيم عليه ، وانتدبته لكثير من مهام أمورها ، فكانت تظهر فيها دربته وحنكته.
وكان عارفا باللغة العربية حسن الإنشاء فيها ، وأما اللغة التركية فكان له فيها اليد الطولى ويعد في طليعة الكتاب فيها. وكان عارفا باللغة الإفرنسية والإيطالية ملما بالفارسية والعبرانية والأرمنية ، اهتم بهذه اللغة على أثر الثورة الأرمنية التي حصلت في الزيتون ، وقد بسطنا أخبار هذه الفتنة في أواخر الجزء الثالث (١).
مؤلفاته :
كان للمترجم عناية بجمع الكتب واقتنائها ، صرف فيها مبلغا عظيما ، فكان لديه مكتبة نفيسة غير أنها ذهبت طعمة الحريق الذي حصل في داره في الحوادث الأرمنية التي حصلت في الإسكندرونة في شباط سنة ١٩١٧ م الموافقة سنة ١٣٣٧ هجرية.
وله كتاب «منهاج الأرب في تاريخ العرب» يبحث عن عوائد العرب وحالتهم وعيشتهم
__________________
(١) ص ٣٨٨