كانت عليه ، فأرسل مع الجيش أيضا وذلك لمعرفته بعقائد الدروز وأحوالهم ، فكان القواد يستفيدون من رأيه وخبرته بأهل تلك الأماكن ، وأصيب بعدة رصاصات جرحته جروحا بليغة وشافاه الله منها ، ونال لما أبلاه في قمع هاتين الثورتين رتبة ووساما من الرتبة الرابعة.
ثم عيّن إلى حلب سنة ١٣١٣ فأتى إليها وتوطنها نحو عشر سنين وامتزج مع أهاليها تمام الامتزاج ، وأخذ في إقراء الدروس في داره ، وهرع إليه كثيرون من الطلبة لهمته في قراءة الدروس ومواظبته على ذلك بحيث لا ترى للملل أثرا في فؤاده. وكنت في عداد من أخذ عنه ، لازمته نحو أربع سنين قرأت عليه شرح لامية الأفعال والشافية في علم الصرف وحصة وافرة من حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك وشرحي السلم للدمنهوري والباجوري في علم المنطق وشرح آداب البحث العضدية مع حاشية الصبان عليها وشرح العلامة الدمنهوري المسمى بالجوهر المكنون على منظومته في علم المعاني والبيان والبديع والكافي في علمي العروض والقوافي ، وكتب لي إجازة حافلة بخطه مؤرخة في ثالث عشر ذي القعدة سنة ١٣٢٣ وصدرها بقوله :
[الحمد لله رافع رتب الراغبين إليه ومانع الراغبين عنه خير ما لديه].
وأقرأ مدة إقامته في حلب حاشية البناني على المختصر وحاشية الخضري مرتين ، ومتن المنهج ومتن جمع الجوامع في الأصول ومتن الشمسية في المنطق وغير ذلك. وبالجملة فقد انتفع به غير واحد من الطلبة أثناء إقامته هنا.
وكان هاشم أفندي الدلّال باشي من وجهاء الشهباء المتوفى سنة ١٣٢٨ عمر سنة ١٣٠٩ مدرسة في محلة الفرافرة ملاصقة لجامع الزينبية وجعلها طابقين ، ولكنه لم يقف لها وقفا ، فأهملت وظلت مغلقة الأبواب إلى سنة ١٣٢٠ ، ففيها اهتم بعض أرباب الخير بأمرها وندب المترجم لفتحها والتدريس فيها ، وأعانه بشيء من المال ، فأجابه إلى ذلك ، وجمع لها من أهل البر والإحسان ما تمم به نواقصها من أبواب وحديد وغير ذلك ، وشرع في التدريس فيها حسبة ، فكان أول مدرس بها وعمرها بالطلبة. وفي سنة ١٣٢٢ أمر المترجم بالتوجه لمرعش مع جنده ، فتوجه إليها ووكل في التدريس فيها الشيخ محمد الكلّاوي ، فكان يدرس فيها إلى أن توفي سنة ١٣٣٤ ، وبوفاته أهملت ثم أغلقت أثناء الحرب العامة ، ثم صارت مسكنا للفقراء إلى سنة ١٣٤٢ ، ففيها اهتم بأمرها مدير الأوقاف