فضله ، وأول شيء اشتهر فيه حسن الصوت والأداء في تلاوة القرآن العظيم ، فكان الناس يقصدون المدرسة ليلة الجمعة وقبل صلاتها لسماع تلاوته في حرمها ، ثم طلب منه أن يؤم الناس في صلاة الصبح في رمضان في محراب الحنفية من الجامع الكبير ، فأجاب طلبهم ، فكان الناس يقصدون الائتمام به في هذا الوقت ويحضرون من أقصى المدينة لسماع صوته ، وقد واظب على هذه الوظيفة أزيد من خمس وعشرين سنة.
أساتذته في العلوم والفنون :
قرأ رحمهالله على العلامة الشيخ شهيد الترمانيني النحو الصرف والمعاني والبيان. ولما جاور في المدرسة الرضائية لازم الحضور على مدرسها الشيخ مصطفى الكردي ، قرأ عليه المواقف وشرحه والتفسير والحديث وعقائد النسفي. وقرأ على الأستاذ الشيخ محمد الزرقا معظم كتاب الدر المختار في الفقه الحنفي. وقرأ على العالم الفاضل الشيخ محمد الصابوني علمي الفرائض والعروض. ولما آل التدريس في المدرسة الرضائية إلى الشيخ المحقق الشيخ حسين الكردي لازمه فقرأ عليه علم المنطق وآداب البحث والمناظرة وجملة من التفسير ومصطلح الحديث. وقرأ على الأستاذ إسحق أفندي التركي علم الميقات والتنجيم.
وكان لا يحجم عن الاشتغال في الفنون الحديثة أيضا ويقول : أحب أن أكون مطلعا على كل علم ، لأنني أخاف إذا تصدرت للإفادة أن يطلب مني إقراء علم فأقول : هذا لا أعرفه. ولذا كان يشتغل في كتب الطبيعيات والفلسفة الغربية ، وكان إذا أشكل عليه فهم شيء منها سأل عنه متفوقي المتخرجين من المكاتب العالية.
ومع اشتغاله في علوم كثيرة فقد وجه عنايته لحفظ اللغة والدواوين الشعرية والكتب الأدبية مع الفهم التام لمعانيها ، إلى أن صار من المبرزين في ذلك بحيث فاق معاصريه ، وأقر له بالسبق جهابذة علماء اللغة والأدب ونقادها في الأقطار العربية وجعلوه مرجعهم وعمدتهم فيما صعب فهمه وبعد إدراكه. وطالما كنا نبحث عن اسم شيء نعرفه ولا نعرف له اسما في اللغة العربية ، فبعد أن ننقب عنه في معاجم اللغة ونتتبعه في المواد التي هي مظنة وجوده فلا نظفر بعد طول بحثنا بطائل فنسأله عنه فيجيبنا على الفور والبديهة بحيث يقول اسمه كذا وهو مذكور في المادة الفلانية من المعجم الفلاني أو في شعر فلان ، فنراجعه فنراه فيه صريحا كما أفاد.