في الشهر ، مع أنه في ذلك السن كان قد اشتهر فضله وطار في العالم الإسلامي صيته وقصده رواد العلم وطلابه يأخذون عنه بعض ما أشكل عليهم حله من المسائل العلمية في فنون شتى.
وكان سبب قلة رواتبه عدم تعرضه لشيء من الوظائف صونا لشرف العلم عن التبذل وقناعة بما يسر الله له من كفاف العيش.
وأول وظيفة حازها أمانة الفتوى حينما كان الشيخ محمد العبيسي الحموي مفتيا في حلب ، فكان هو والشيخ بكري العنداني أميني الفتوى لديه. ثم عيّن مدرسا أصالة في مدرسة سعد الله الملطي في جامع الصروي في البياضة وفي مدرسة القرناصية. ثم لما حصل الانقلاب الدستوري العثماني انتخب رئيسا لجمعية الاتحاد والترقي في حلب. وفي هذه الإثناء عرضت عليه فتوى حلب وألح عليه أولو الحل والعقد بقبولها ، فلم يفعل رعاية للمفتي الموما إليه. ولما فتح مجلس النواب المعروف بمجلس المبعوثين في الآستانة انتخب أخي نائبا عن حلب في جملة من انتخب من نوابها واستمر ينتخب لهذه الوظيفة كلما تجدد الانتخاب غير منقطع عن هذا المجلس سوى سنة واحدة.
ولما كانت الحرب العامة وأغلق مجلس النواب بقي أخي في حلب فانتخب عضوا في محكمة الحقوق ، ثم عيّن رئيسا فيها. وبعد انقضاء الحرب ودخول العرب إلى حلب عيّن مدرسا في المدرسة الرضائية ، ثم قاضيا في محكمتها الشرعية ، فاستمر في هذه الوظيفة نحو سنتين. ثم بعد دخول الدولة الإفرنسية إلى حلب عيّن قاضي القضاة لدولة حلب ، وكان المرض قد ظهر في جسمه واشتدت نكايته فيه ، فتردد إلى محل وظيفته مرة أو مرتين ، ثم عاقه المرض عن وفائها إلى أن أدركته الوفاة.
الآخذون عنه من فضلاء الأتراك :
بعد أن جاور في العثمانية كما تقدم شاع فضله ، فأقبل عليه كبار الطلبة يتلقون عنه العلوم الآلية والفنون الأدبية ، ولازمه جماعة من أدباء الأتراك وأفاضلهم ، منهم الكاتب التركي الشهير بعلي كمال بك ، أخذ عنه من مختارات النظم والنثر ما يملأ مجلدا ، ومنهم مظهر بك ابن بدري بك رئيس إدارة البرق والبريد ، لازمه مدة طويلة وأخذ عنه كثيرا من العلوم الآلية والآداب العربية وأعانه على ترجمة ألفية ابن مالك إلى اللغة التركية ، وما