وفي سنة ١٢٩١ عاد إلى وطنه حلب وبقي هنا سنتين ، ثم توجه منها إلى الهند بتجارة هي ثياب حريرية التي تسمى [بالجتارة] وغزلية وكتب ، فربح ربحا حسنا ، وبقي هناك أربعة أشهر ، وعاد ببضاعة هندية إلى البصرة وبقي بها إلى سنة ١٢٩٦ ، فاقتضى الحال أن يأتي إلى حلب ، فلم ترغب زوجته بالحضور معه ، فاضطر إلى مفارقتها وعاد إلى وطنه.
وفي سنة ١٢٩٨ أخذ بضاعة من حلب إلى البصرة والهند وعاد سنة ١٢٩٩.
وفي سنة ١٣٠١ توجه إلى الحجاز وكذا في سنة ١٣٠٢. ولازم بعد ذلك مدرسة المسجد الأحمدي في محلة قارلق وصار يقرىء فيها الدروس للطلبة من أهل هذه المحلة وما حولها.
وكان رحمهالله طويل القامة أسمر اللون كث اللحية ، فصيح العبارة حسن المعاشرة والملاقاة والمحاضرة ، قوي الحافظة يحفظ كثيرا من الشعر ومناقب الصالحين وكلام السادة الصوفية ويحاضر بذلك فلا يمل منه جليسه لحلاوة حديثه وعذوبة منطقه ، مع الصلاح والتقوى والزهد فيما في أيدي الناس والانجماع عنهم ، ملازما لمدرسته الملاصقة لبيته ، يزوره فيها إخوانه ومريدوه والكثير من الناس ، ويغلب على مجالسه الوعظ والإرشاد وإيراد مناقب الصلحاء ، ولوعظه تأثير حسن في القلوب لإخلاصه وعمله بعلمه.
وله من المؤلفات كتاب «العبقة الإلهية في الطريقة النقشبندية» ، و «المسك الندي في المشرب النقشبندي» ، و «شكمجّة المسامر فيما يحتاج إليه المسافر» ، و «السبيكة العسجدية في الرحلة من البصرة إلى الديار الهندية». وله «شرح قصيدة ابن دريد» ، و «نظم متن دليل الطالب في مذهب الحنابلة» في ثلاثة آلاف بيت ، وكتاب «في المواعظ» وديوان شعر كبير غزل وحكم ومواعظ وغير ذلك ، فمن غزله قوله :
جالت مياه الحسن في وجه أغرّ |
|
جمع المحاسن والعقول لقد قمر |
يعنو له البدر المنير إذا بدا |
|
وهو الذي من حسنه خجل القمر |
أحسن بقدّ قوامه وعيونه |
|
عن سحرها روّت غدت تروي الخبر |
وسنانة بلحاظها فتاكة |
|
بسهامها ترمي فتوقع في الخطر |
إني بليت بحسنه العالي وذا |
|
أمر به حكم الإله فلا مفرّ |
يا لائمي دع عنك تعنيفي فذا |
|
قدر الإله رضيت إذ رضي القدر |