يجد الباحث في غير المؤلفات الحلبية أمورا كثيرة ذات شأن وأخبارا جمة عن هذه الديار ، فيجدر بالذين يأتون بعدنا أن يشدوا الرحال إلى الأماكن التي فيها تواريخ بلدهم وآثار وطنهم ويسعوا في استخراج تلك الكنوز من دفائنها وينشروا ذلك ، وكلما انتشر منها شيء يزدادون معرفة عن مدنية هذه المدينة العظيمة وما حولها قبل الإسلام وبعده. وقد قلنا في المقدمة إنه كلما ازداد الإنسان معرفة بأحوال بلاده وما كان لها من مجد باذخ وعز شامخ يدعوه ذلك إلى النهوض ويبعثه إلى استعادة تراث آبائه ومفاخر أسلافه.
ومن أمانينا وضع كتاب يذكر فيه أعمال الشهباء من البلاد والقرى وما هناك من الآثار القديمة وبقاياها ، ويؤخذ ذلك بالمصور الشمسي ، مع الكلام على أحوالها الماضية والحاضرة. وقد قلت في المقدمة إن هذا عمل عظيم لا يمكن للشخص الواحد أن يقوم به ، ويحتاج إلى نفقات طائلة لا يقوم بها إلا الحكومة ، فعسى أن تنهض لتأليف لجنة لهذه الغاية وترصد لها ما يلزم من النفقات ، فتكون بذلك قد أحسنت صنعا ، وبهذا تتم حلقات تاريخ هذه الديار ، ويعلم ما فيها من قديم الآثار.
وليكون من تصح عزيمته بعدنا للزيادة على ما دوناه أو التذييل عليه على بصيرة من أمره أحببت أن أذكر هنا ما تصفحته من الكتب التاريخية والأدبية والمجاميع التي نقلت عنها ليتطلب غيرها ويستحصل على سواها ، فعندئذ يرى ضالته وينال بغيته.