مررت برجلين غيرك ، فان شئت حملته على أنهما غيره في الخصال وفي الامور ، وإن شئت على قوله مررت برجلين آخرين ، اذا أردت أنه قد ضمّ معك في المرور سواك فيصير كقولك برجل آخر اذا ثنّى به ، ومنه مررت برجلين سواء ، على أنهما لم يزيدا على رجلين ولم ينقصا من رجلين وكذلك مررت بدرهم سواء ، ومنه أيضا مررت برجلين مسلم وكافر ، جمعت الاسم وفرقت النعت ، وإن شئت كان المسلم والكافر بدلا كأنه أجاب من قال بأي ضرب مررت وإن شاء رفع كأنه أجاب من قال فما هما ، فالكلام على هذا وإن لم يلفظ به المخاطب لأنه انما يجري كلامه على قدر مسئلتك عنده لو سألته ، وكذلك مررت برجلين رجل صالح ورجل طالح ، ان شئت جعلته تفسيرا لنعت وصار إعادتك الرجل توكيدا ، وان شئت جعلته بدلا كأنه جواب لمن قال بأي رجل مررت فتركت الأول ، واستقبلت الرجل بالصفة ، وان شئت رفعت على قوله فما هما ، ومما جاء في الشعر قد جمع فيه الاسم وفرق النعت وصار مجرورا ، قوله (وهو رجل من باهلة) : [وافر]
(١) بكيت وما بكا رجل حليم |
|
على ربعين مسلوب وبال |
كذا سمعنا العرب تنشده والقوافي مجرورة ومنه أيضا مررت بثلاثة نفر رجلين مسلمين ورجل كافر جمعت الاسم وفصّلت العدّة ثم نعته وفسّرته ، وإن شئت أجريته مجرى الأوّل في الابتداء فترفعه وفي البدل فتجرّه ، قال الراجز (وهو العجاج) : [رجز]
__________________
(٣٢٧) الشاهد فيه جرى مسلوب وبال على الربعين نعتا والرفع فيهما حسن لا مكان التبعيض فيهما والقطع ، والتقدير أحدهما مسلوب والآخر بال ، ولذلك قال سيبويه بعد البيت والقوافي مجرورة ، وقد غلط في هذا لنقصان بال ، واستواء رفعه وجره ، والحجة لسيبويه أن القوافي لو كانت مرفوعة لم يضق عليه الاتيان باسم مرفوع غير منقوص ، وأيضا فان الشاعر المجيد قد يبني قوافيه على اعراب واحد وان كانت موقوفة كقول الحطيئة :
* شاقتك أظعان لليلي دون ناظرة بواكر* |
|
فلو أطلق قوافي القصيدة لكانت كلها مرفوعة |