وقال الآخر :
(١) ضننت بنفسي حقبة ثم أصبحت |
|
لبنت عطاء بينها وجميعها |
ضبابيّة مرّية حابسيّة |
|
منيفا بنعف الصّيدلين وضيعها |
فكلّ هذا سمعناه ممّن يرويه من العرب نصبا ، ومما يدلك على أن هذا ينتصب على التعظيم والمدح أنك لو حملت الكلام على أن تجعله حالا لما بنيته على الاسم الأول كان ضعيفا وليس هيهنا تعريف ولا تنبيه ولا أراد أن يوقع شيئا في حال لقبحه ولضعف المعنى ، وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول :
(٢) أنا ابن سعد أكرم السّعدينا
نصبه على الفخر ، وقال الخليل إن من أفضلهم كان زيدا على الغاء كان وشبّهه بقول الشاعر (وهو الفرزدق) :
__________________
ـ لأهل الثروة والغنى ، وأراد بأثوابها الستور وقوله كلابية وبرية حبترية نسبها الى قبيلتها ثم الى حيها ثم الى فصيلتها ورهطها الادنى اليها تفخيما لها ، ومعنى نأتك بعدت عنك ، يقال نأيته ونأيت عنه بمعنى ، وقوله أنا ساعدي يعني القبائل التي نسيها اليها وهم من بني عامر وكان بينهم وبين بني أسد قومه حروب وتغاور فجعلهم عدى لذلك ويريد أنها بين أعدائه فلا سبيل له اليها ولذلك تمنى أن يكون طلب الهوى في رأس جبل أشم أي هي أبعد من الأروى التي تألف شواهق الجبال وأصعب مراما.
(٤٢٥) الشاهد في نصب ضبابية وما بعدها على التفخيم والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول ملكت نفسي عن تتبع هذه المرأة حقبة من الدهر أي حينا ثم غلبني هواها فأبحت نفسي لها وأصل الحقبة السنة فجعلها للحين من الدهر والجميع هنا بمعنى الاجتماع أي صار لها بين نفسي واجتماعها أي كلها ، وضرب هذا مثلا ونسبها الى الضباب وهم حي من بني عامر وحابس ومرة حيان منهم والمنيف المشرف ، والنعف أصل الجبل ، والصيدلان جبل بعينه* يقول هي شريفة القوم فوضيعهم مشرف المحل فكيف رفيعهم.
(٤٢٦) الشاهد فيه نصب أكرم على التفخيم والمدح وانما قال أكرم السعدينا ، لأن السعود في العرب كثيرة مثل سعد بن مالك في ربيعة ، وسعد بن ذبيان في غطفان ، وسعد بن ـ