كما صارت جعار اسما للضّبع ، وكما صارت حذام ورقاش اسما للمرأة وأبو الحارث اسما للأسد ، ويدلّك على أنه اسم للمنادى أنهم لا يقولون في غير النداء جاءتني خباث ولكاع ولا لكع ولا فسق ، فانما اختصّ النداء بهذا الاسم أنّ الاسم معرفة كما اختصّ الأسد بابي الحارث إذ كان معرفة ولو كان شيء من هذا نكرة لم يكن مجرورا ، لأنها لا تجرّ في النكرة ، ومن هذا النحو أسماء اختصّ بها الاسم المنادى لا يجوز منها شيء في غير النداء نحو يا نومان ويا هناه ويافل ويقوّى ذلك كلّه أن يونس زعم أنه سمع من العرب من يقول يا فاسق الخبيث ، ومما يقوي أنه معرفة ترك التنوين فيه لأنه ليس اسم يشبه الأصوات فيكون معرفة إلّا إذا لم ينوّن وينوّن إذا كان نكرة ألا ترى أنهم قالوا هذا عمرويه وعمرويه آخر ، وقال الخليل إذا أردت النكرة فوصفت أو لم تصف فهذه منصوبة لأن التنوين لحقها فطالت فجعلت بمنزلة المضاف لمّا طال نصب وردّ الى الأصل كما فعل ذلك بقبل وبعد ، وزعموا أنّ بعض العرب يصرف قبلا وبعدا فيقول إبدأ بهذا قبلا فكأنه جعلها نكرة ، وإنما جعل الخليل المنادى بمنزلة قبل وبعد وشبّهه بهما مفردين إذا كان مفردا فاذا طال وأضيف شبهه بهما مضافين اذا كان مضافا لأن المفرد في النداء في موضع نصب كما أن قبل وبعد قد يكونان في موضع نصب وجرّ ولفظهما مرفوع فاذا أضفتهما رددتهما الى الأصل وكذلك نداء النكرة لمّا لحقها التنوين وطالت صارت بمنزلة المضاف ، ومن ذلك قول الشاعر : (وهو ذي الرمّة) : [طويل]
(١) أدارا بحزوى هجت للعين عبرة |
|
فماء الهوي يرفضّ أو يترقرق |
__________________
(٤٥٥) الشاهد فيه نصب دار لأنه منادى منكور في اللفظ لاتصاله بالمجرور بعده ووقوعه في موضع صفته كأنه قال أدارا مستقرة بحزوى فجرى لفظه على التنكير وان كان مقصودا بالنداء معرفة في التحصيل ونظيره مما ينتصب وهو معرفة لأن ما بعده من صلته فضارع المضاف قولهم يا خيرا من زيد وكذلك ما نقل الى النداء موصوفا بما توصف به النكرة جرى عليه لفظ المنادى المنكور وان كان في المعنى معرفة* وصف انه نظر الى دار بعينها عهد فيها ـ